قولُ الشافعيِّ، ولا حجةَ لهم فيه لنكارةِ الأمر فيه بالوضوء والصلاة.
ولو صَحَّ لما كان لهم فيه حجة أيضًا؛ قال الحافظُ:"وتعقب بأن الأمرَ بالوضوءِ فيه للتبركِ بدليلِ حديث: ((اكْتُمِ الخَطيئَةَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءًا حَسَنًا ثُمَّ صَلِّ رَكعَتَينِ)) "(الدراية ٥٩).
وقال الألبانيُّ:"لا يحسنُ الاستدلالُ بالحديثِ على أنَّ لمسَ النساءِ ينقضُ الوضوءَ، كما فعلَ ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق ١/ ١١٣) وذلك لأمور:
أولًا: أن الحديثَ ضعيفٌ لا تنهضُ به حجة.
ثانيًا: أنه لو صَحَّ سندُهُ، فليسَ فيه أن الأمرَ بالوضوءِ إنما كان من أجلِ اللمسِ، بل ليس فيه أن الرجلَ كان مُتَوضئًا قبلَ الأمرِ حتى يقال: انتقض باللمس! بل يحتمل أن الأمر إنما كان من أجلِ المعصيةِ تحقيقًا للحديثِ الآخرِ الصحيحِ بلفظ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إِلَّا غَفَرَ لَهُ))، أخرجه أصحابُ السننِ وغيرُهُم وصَحَّحَهُ جمعٌ، كما بينته في (تخريج المختارة رقم ٧).
ثالثًا: هَبْ أنَّ الأمرَ إنما كان من أجلِ اللمسِ، فيحتمل أنه من أجل لمسٍ خاصٍّ، لأن الحالةَ التي وصفها، هي مظنةُ خروجِ المذي الذي هو ناقضٌ للوضوءِ، لا من أجلِ مطلق اللمس، ومع الاحتمال يسقطُ الاستدلالُ. والحقُّ أن لمسَ المرأةِ وكذا تقبيلها لا ينقضُ الوضوءَ، سواء كان بشهوةٍ أو بغيرِ شهوةٍ، وذلك لعدم قيام دليل صحيح على ذلك، وتقبيلُ المرأةِ إنما يكون مقرونًا بالشهوةِ عادة، والله أعلم" (الضعيفة ١٠٠٠).