وقال الذهبيُّ:"وعلته: أن شعبةَ رواه عن عبد الملك، فأرسلَه، لم يذكر معاذًا، وعبد الرحمن ما أدرك معاذًا"(سير أعلام النبلاء ٧/ ٣٧٨).
وكذا ضَعَّفَهُ الشوكانيُّ في (نيل الأوطار ١/ ٢٤٤)، والألبانيُّ في (الضعيفة ١٠٠٠).
ومع هذا قال الحاكمُ -عقب هذا الحديثِ، وقد روى قبله بعضَ الآثارِ الموقوفة في الوضوء من القُبْلَةِ-: ((هذه الأحاديثُ والتي ذكرتها أن الشيخين اتفقا عليها غير أنها مخرجةٌ في الكتابين بالتفاريق، وكلّها صحيحة دالة على أن اللمسَ الذي يوجبُ الوضوءَ دونَ الجماعِ)).
وتعقبه ابنُ دقيقِ العيدِ فقال:((ومن العجبِ تخريجه في المستدركِ على الشيخين مع انقطاعه!)) (الإمام ٢/ ٢٤٠).
وقال الحافظُ ابنُ حَجرٍ:((وصَحَّحَهُ الحاكمُ إلا أنه من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذٍ ولم يسمعْ منه، وتعقب بأن الأمرَ بالوضوءِ فيه للتبرك)) (الدراية ١/ ٤٣).
قلنا: وأصلُ القصةِ في (الصحيحين)، من حديثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}[هود: ١١٤] قَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذِهِ؟ قَالَ:((لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي)) أخرجه البخاريُّ (٥٢٦، ٤٦٨٧، (واللفظ له))، ومسلمٌ (٢٧٦٣).
فذِكرُ الوضوءِ في هذا الخبرِ منكرٌ لا يصحُّ، ولو صَحَّ، فلا دليلَ على كون ذلك كان من أجل اللمس، والله أعلم.