للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنها لما كانت جازمة أشبهت" لا" النافية، وهذا لا يجوز فيالإضطرار (١).

وقد أعاد عثمان هذا الحكم في" شرح الإيضاح"، فقال: وتدخل النون في النفي كقوله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً (٢) فجعل" لا تصيبن" نفيا، وغيره جعلها نهيا بعد أمر، كقوله تعالى: ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ (٣).

وأعاد عثمان ذكر هذا الحكم في «الخصائص»، فقال: ومثال دخول النون في الفعل المنفي قولك: قلما يقومنّ زيد، وقالوا: أقسمت لما تفعلن،" لا" طلب كالأمر والنهي" (٤).

وها هنا يؤكد ابن الأثير شخصيته العلمية، واختياره ما صح عنده من الأقوال، وإن كان في اختياره هذا مخالفة لأشياخه؛ فهو يختار رأى ابن جني في المسألة، مع أن شيخه ابن الدهان لا يرى ما رآه ابن جنّي؛ فقد حكى ابن

الأثير كلام شيخه، حيث قال:" قال شيخنا:" لم أجد أحدا ذكر دخول النون في النفي ... " إلخ.

وها هو ذا يرجح رأي ابن جنّي بقوله:" وما أشبه قال عثمان بما قال؛ فإنّ ظاهر لفظ الآية يدلّ على ما ذهب إليه، ولا يحتاج إلى تعسف في توجيهها .. " (٥)

ويختم ابن الأثير الكلام هاهنا بذكر رأي الفارسي في المسألة، وكأنه يريد أن يبيّن مخالفة ابن جنّي لشيخه أبي علي، كما خالف هو شيخه ابن الدهان،


(١) ص ١/ ٦٦٣.
(٢) ٢٥ / الأنفال.
(٣) ١٨ / النمل.
(٤) ص ١/ ٦٦٣ / ٦٦٤.
(٥) الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>