للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و «زيد» فاعل فعل مضمر يفسّره الظاهر، ومنه قوله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ (١)، ومن أمثالهم: «لو ذات سوار لطمتنى (٢)»، وعليه قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا (٣)، وقد تقدّم ذلك (٤).

وإنّما خصّ الفاعل بالرّفع لتقدّمه، وللفرق بينه وبين المفعول، ولمناسبة بين قلّة الفاعل وثقل الرّفع، ولبعضهم فيه كلام محرّر، قال: إنّما رفع لقلّته وقوّته، وسبقه (٥).

[الفصل الثالث: فى مرتبته]

وهى تلى الفعل، لأنّه كالجزء منه، فلا يجوز أن يتقدّم على الفعل، لأنّه يصير مبتدأ بعد أن كان فاعلا، فلا تقول فى، قام زيد: زيد قام، و «زيد» فاعل «قام»، ويظهر ذلك فى التّثنية والجمع، ألا ترى أنّه لا يجوز أن تقول فى، ضرب الزّيدان: الزّيدان ضرب، حتّى تقول: ضربا، فيصير مبتدأ وخبرا، والألف فى «ضربا» فاعل وعلامة التّثنية.

فأمّا تأخّره عن المفعول، فإنما جاز، لأنّ المفعول فضلة، وإن تقدّم، والنّيّة فى الفاعل التقدّم عليه، وإن تأخّر عنه، تقول فى: ضرب زيد عمرا: ضرب عمرا زيد، وهذا إنّما يفعلونه إذا كان أحد الأمرين أهمّ عندهم، قال سيبويه:

وإنمّا يقدّمون فى كلامهم ما هم ببيانه أهمّ، وهم بشأنه أعنى، وإن كانا جميعا يهمّانهم ويعنيانهم (٦)، ومثله قوله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ


(١) - ٦ / التوبة.
(٢) - أنظر ص ٧٤؛ فقد سبق تخريجه هناك.
(٣) - ٥ / الحجرات
(٤) - انظر ١/ ٧٢ - ٧٤.
(٥) - ذكر ذلك ابن جنّى فى الخصائص ١/ ٤٩، وقد فضّل القول فى تعليل رفع الفاعل ابن يعيش فى شرح المفصّل ١/ ٧٥.
(٦) - الكتاب ١/ ٣٤.