إلّا بعد حصول المبتدأ، ثمّ التعرّى من العوامل والتّهّيو لها لا يتمّان إلّا بعد مجئ الخبر، ألا ترى أنّك إذا قلت: زيد، ولم تجعل له خبرا، لم يكن كلاما فيجعل له إعراب، فلمّا كان الابتداء لا يستقلّ إلّا بعد وجود الجزأين جميعا جاز أن يعمل فى كلّ واحد منهما.
وقال قوم: رافع الخبر المبتدأ (١) وحده، وقال قوم: الابتداء رافع المبتدأ والخبر (١) معا.
الفصل الثّانى: فى أقسامه
وينقسم قسمين: إحداهما: معرفة ونكرة، والأخرى: مفرد وجملة.
القسمة الأولى: الأصل فى الإخبار النكرة؛ لأنّه معتمد الفائدة، كما أنّ المبتدأ معتمد البيان، والفائدة إنّما تحصل بما لا يعلم، تقول: زيد قائم، وزيد معرفة، وهو المبتدأ، و" قائم" نكرة، وهو الخبر، فأخبر المتكلّم المخاطب عن زيد
الّذى يعرفه ب" قائم" الّذى لا يعرفه من حاله.
فأمّا المعرفة إذا قلت: زيد أخوك، وأنت تريد أنّه أخوه من النّسب، فإنّما يجوز إذا كان المخاطب يعرف" زيدا" على انفراده ولا يعرف أنّه أخوه، لسبب؛ فتخبره أنت أنّ زيدا الذّى يعرفه هو أخوه؛ ولذلك لو قلت: أخوك زيد، و" زيد" الخبر، كان المخاطب عارفا أنّ له أخا، جاهلا أنّه زيد؛ فأفدته بإخبارك: تعيين زيد لأخوّته، فمتى كان الخبر عن المعرفة معرفة، فالفائدة فى كلّ منهما إذا جعلته خبرا، فإن كان المخاطب يعرفهما مجتمعين، فلا فائدة فيه، فأمّا قولهم:" الله ربّنا"، و" محمد نبيّنا" فإنّما هو اعتراف من