للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثّالث في" حبّذا"، وفيه فرعان:

الفرع الأوّل: في تعريفها،

وهى فعل مركّب مع اسم غير متصرّف، ولا يتغيّر بتثنية ولا جمع ولا تأنيث، ولا فكّ نظام (١).

ومعناها: المدح وتقريب الممدوح من القلب، والأصل فيها" حبب" ك" ظرف"، فأسكنت" الباء" الأولى وأدغمت في الثانية؛ و" ذا" اسم إشارة (٢) إلى الاسم المذكور بعدها، وجريا - بعد التركيب - مجرى الأمثال الّتي لا تتغيّر (٢)، وقيل: ليست" ذا" إشارة (٣) إلى الاسم؛ لأنّه لا يثنّى ولا يجمع ولا يؤنّث، وهو مرفوع بها، وقيل: معنى" حبّ": صار محبوبا (٤) جدّا.

وفيها لغتان: فتح" الحاء"، وضمّها (٥)، والفتح أفصح.

الفرع الثّاني: فى أحكامها:

وهى ترفع المعرفة، وتنصب النكرة التى يحسن فيها" من" على التّمييز؛ تقول: حبّذا زيد، وحبّذا رجلا زيد أى: من رجل، والنّاس فى هذا التقدير مختلفون.

فمنهم من يغلّب الاسم في" حبّذا" ويبطل حكم الفعل؛ فيجعلها مبتدأ (٦) و" زيد" خبرها، كأنّه قال: المحبوب زيد.


(١) أي: لا يتغير تركيبه؛ لأنه لزم طريقة واحدة كما تلزم الأمثال طريقة واحدة، انظر: الأصول ١/ ١١٥.
(٢) كتاب سيبويه ١/ ١٨٠.
(٣) أصول ابن السّراج ١/ ١١٥، وقال الرّضيّ في شرح الكافية ٢/ ٣١٨:" لأنّه مبهم كالضمير في" نعم" و" بئس" فألزم الإفراد مثله، وخلع منه الإشارة؛ لغرض الإبهام .. ".
(٤) ذكر ذلك المعنى الزمخشريّ في المفصّل ٨/ ١٣٨.
(٥) أصول ابن السّراج ١/ ١١٦ - ١١٧، والتبصرة ٢٨١.
(٦) وهذا مذهب المبرّد وابن السرّاج، انظر: المقتضب ٢/ ١٤٣ والأصول ١/ ١١٥.