للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمّا إذا جعلت" أن" والفعل فاعل" عسى" [قبح] (١) حذفها؛ لما يؤدّى إليه من جعل الجملة فاعلة؛ فلا يحسن: عسى يقوم زيد، وقد جاء شاذّا فى الشّعر (٢)، فإن رفعت في هذه الحالة" زيدا" ب" عسى"، ولم ترفعه ب" يقوم" حسن الحذف وقلت: عسى يقوم زيد، وعسى يقومان الزّيدان، فثنّى كما سبق.

الحكم الخامس: قد جاء من أمثالهم:" عسى الغوير أبؤسا" (٣) فحذفوا" أن" والفعل، وجعلوا موضعهما اسما منصوبا، وهذا يدلّك على أنّ موضع خبرها نصب، وقد جمع المصدر، وهو شاذّ، وكان التقدير: عسى الغوير أن يبأس؛ و" الغوير" تصغير غار، و" أبؤس" جمع بؤس أو بأس؛ فكأنّ قائل المثل لمّا تخيّل آثار الشّرّ قال: قارب الغوير الشّدّة والبأس، أى: عسى الغوير أن يأتى بالبأس.

الفرع الثّالث: فيما أشبه" عسى" من أفعال المقاربة

، وهى" كاد" و" جعل" و" أخذ" و" كرب" و" طفق" و" أوشك"، تقول: كاد زيد يقوم، وجعل زيد ينشد، وكرب زيد ينطلق، وطفق زيد يتكلّم، وأوشك زيد أن يجئ، وأخذ زيد يجادل، شبّهوا هذه الأفعال - وإن كانت متصرّفة - ب" عسى" في المعنى، ولم يلزموا خبرها" أن"؛ لأنها للمقاربة والإشراف على الشّئ و" أن" تخلّص الفعل للاستقبال، وقد أدخلوها في خبر" كاد"


(١) تتمّة يلتئم بمثلها الكلام.
(٢) الذى يدلّ عليه ظاهر كلام سيبويه أن الحذف قليل، وليس شاذّا، انظر: الكتاب ٣/ ١٥٨.
(٣) انظر: الأمثال، لأبي عبيد القاسم بن سلّام ٣٠٠، وكتاب سيبويه ٣/ ١٥٨.
ويضرب لكل شيء يخاف أن يأتى منه شرّ. وقيل: يضرب مثلا للرّجل يخبر بالشّرّ فيتهم به.