للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الرّابع في التعجّب، وفيه فرعان

الفرع الأوّل: في تعريفه.

التعجّب: قسم من أقسام الكلام الأوّل، ومعناه شئ خفي سببه، وخالف نظائره، ولهذا لا يطلق على الله تعالى؛ لأنّه لا يخفى عليه شئ، وما جاء منه منسوبا إلى الله تعالى، في قوله: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١) بضم" التاء" (٢) وقوله تعالى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ (٣) وقوله صلّى الله عليه [وسلّم] (٤) (عجب ربّك من شابّ ليست له صبوة) (٥)، فمتأوّل، يجيزه اتّساع اللّسان العربيّ.

وهو ضرب من الإخبار يصحّ فيه الصّدق والكذب، ألا ترى أنّك إذا رأيت شيئا لم تر مثله، أو استطرفته، أو استبعدت وقوعه، تعجّبت منه؟

وما أحدث لك التعجّب إلا خفاء سببه عليك، وما علمت سببه فليس بعجب عندك.


(١) ١٢ / الصافّات.
(٢) وهى قراءة حمزة والكسائىّ وخلف، ووافقهم الأعمش وابن سعدان وابن مقسم، ورويت عن عليّ وعبد الله وابن عبّاس والنخعيّ وابن وثّاب وطلحة وشقيق. انظر: السبعة ٥٤٧ والتيسير ١٨٦ والنشر ٢/ ٣٥٦ وإتحاف فضلاء البشر ٣٦٨ والبحر المحيط ٧/ ٣٥٤.
قال أبو حيان:" وأنكر شريح القاضي هذه القراءة، وقال: الله لا يعجب، فقال إبراهيم: كان شريح معجبا بعلمه، وعبد الله أعلم منه، يعنى: عبد الله بن مسعود".
(٣) ٣٨ / مريم.
(٤) تتمّه يقتضيها المقام.
(٥) رواه عقبة بن عامر. مسند أحمد ٤/ ١٥١ ولفظه فيه هكذا:" إنّ الله عزّ وجلّ ليعجب من الشابّ ليست له صبوة".