للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثامن: من القطب الأوّل: فى الفاعل

وفيه أربعة فصول

الفصل الأوّل: فى حدّه

اعلم أن كلّ فرقة من العلماء قد اتفقوا فيما بينهم على أوضاع يعرفونها، واصطلاحات يتداولونها، فالنّحوىّ: يسمّى الجملة التى صدرها معتمد البيان وعجزها معتمد الفائدة مبتدأ وخبرا، والمنطقىّ: يسمّيها موضوعا ومحمولا.

وفى اللّغة أسماء تنقل عن وضعها العامّ الحقيقىّ إلى الخاصّ المجازىّ، كالصّوم والصلاة، وقد ذكرنا ذلك مبسوطا فى كتاب «الباهر فى الفروق (١)».

فالفاعل فى أصل الوضع هو: من أظهر الفعل من العدم إلى الوجود، وهو الفاعل الحقيقىّ، ثم نقل عن هذه الرّتبة إلى ما يقاربها، فقال قوم: مؤثّر، وقال قوم: موجد، وقال قوم: سبب، وقال قوم: علّة، وأطلقه النحاة على معنى آخر

وضعا واصطلاحا، وله عندهم شرائط، باجتماعها يصحّ أن يكون فاعلا نحويّا:

الأولى: أن يكون اسما مفردا متمكّنا من الإخبار عنه، ليسند الفعل إليه ويضمر ويرفع؛ لفظا أو موضعا؛ فإنّ الفعل والجملة لا يسند إليهما، والجملة لا تضمر، والظرف والمصدر غير المتمكّن لا يرفعان، فأمّا قوله تعالى: ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٢) فالفاعل مقدّر وهو


(١) - سبق الكلام عليه في ص ٤٩ من الدراسة.
(٢) - ٣٥ / يوسف.