كتاب" البديع في علم العربّية" من أحسن كتب النحو تبويبا وترتيبا وتنظيما وسعة في الآراء النحويّة والشواهد؛ فترتيب أبوابه لم يكن على منوال كتاب الجمل - للزجاجيّ -، ولا على ترتيب كتاب الفصول النحويّة - لابن الدّهان -، وإنما تبع طريقة جديدة تعتمد على تقسيم الكتاب إلى قطبين رئيسين، تحت كل قطب عشرون بابا، وقدّم أبوابا اعتاد المؤلفون تأخيرها كباب الوقف والحكاية، وأخّر أبوابا اعتاد النحاة تقديمها كباب النكرة والمعرفة وكذلك كان المؤلف - رحمه الله - دقيقا في تنظيم كل باب، وجمع المسائل النحويّة في الموضوع الواحد، وعرضها على هيئة أحكام، وهذا مسلك غريب لم يسبق إليه - فيما نعلم -، وبالإضافة إلى ما يمكن أن نطلق عليه" القدرة الفنية الكبيرة"؛ فالكتاب حوى مسائل علمية واسعة، عرضها المؤلف بطريقة سهلة بعيدة عن التعقيدات المنطقيّة.
ومما يدل على قيمة الكتاب العلميّة أن العلماء بعده قد أكثروا من النقل عنه، والإحالة عليه، وأكثر من نقل عنه" أبو حيان النحويّ" في كتابه" التذييل والتكميل"، والسيوطيّ في كتابه" همع الهوامع"، وسنكتفى بالإشارة إلى مواضع ما نقله عنه أبو حيان في التذييل والتكميل، وما نقله عنه ابن عقيل في المساعد على تسهيل الفوائد"، وما نقله عنه السيوطيّ في" الهمع"، وهناك سوى هذه الكتب كتب كثيرة منها: ارتشاف الضرب لأبي حيان، وتوضيح المقاصد والمسالك - للمراديّ، والبغداديّ في حاشيته على شرح بانت سعاد - لابن هشام.