للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الخامس من القطب الأوّل: فى البناء

وفيه فصلان

[الفصل الأول: فى تعريفه وانقسامه]

البناء: ثبوت الشّئ على صورة واحدة، لا يغيّرها عامل لفظا، تقول:

رأيت من جاءك، ف" من" مبنيّة على السّكون، والنصّب مقدّر فيها، ب" رأيت"، وهو إذا ضدّ الإعراب، والغالب على الإعراب الحركة؛ فاقتضى أن يكون البناء سكونا، وما كان الإعراب فيه أصلا، أن يكون البناء فيه فرعا؛ فلذلك كان فى الحروف والأفعال أصلا، وفى الأسماء فرعا.

وأمّا ما بنى من المبنيّات على حركة، فلأسباب أوجبت له ذلك:

أحدها: التقاء السّاكنين، نحو: أين، وكيف وقبل وبعد، فى أحد (١) القولين.

الثاني: أن تكون الكلمة معربة فيعرض لها ما يوجب بناءها فى حال فتبنى على حركة، نظرا إلى أصل تمكّنها، كالمنادى المفرد نحو يا زيد، وقبل وبعد فى القول الثانى.

الثالث: أن يكون على حرف واحد، ولا يمكن الابتداء به لو سكّن، نحو


(١) - والقول الثانى: أنها إنما بنيت على حركة لأن لها أصلا فى التمكن، لأنها تكون معرفة إذا كانت مضافة، نحو جئت قبلك، و: من قبلك، وبعدك، و: من بعدك، وتكون نكرة فى نحو: جئت قبلا وبعدا، وإنما تكون مبينيّة إذا قطعت عن الإضاف، فلما كان لها هذا القدم فى التمكن وجب بناؤها على حركة تمييزا لها على ما بنى ولا أصل له فى التمكن من نحو: من وكم وانظر: ابن يعيش ٤/ ٨٦، هذا وقد أشار ابن الأثير إلى هذا القول الثانى إشارة خفيفة فى السبب الثانى من أسباب البناء.