للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفصل الرابع في أحكامه]

الحكم الأول: إنّما جيء في الاستفهام بالأسماء والظروف؛ لضرب من الاختصار والإيجاز،

وقد ذكرنا ذلك في باب الشرط (١)، ألا ترى أنّك إذا قلّت: من عندك؟ استغنيت به عن تعداد أسماء الذين تظنّ أنّهم عنده؛ ليقع على اسم من عنده. وإذا قلت: متى جئت؟ استغنيت به عن تعداد الأوقات، وإذا قلت أين ذهبت؟ استغنيت به عن تعداد الأمكنة، فوقعت هذه الأسماء والظّروف موقع حرف الاستفهام، ولذلك بنيت.

الحكم الثاني: قد أدخلوا «أم» على أدوات الاستفهام ما عدا الهمزة،

كقوله تعالى: * أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ. * (٢) وقوله: * أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * (٣). وقول الشاعر:

فأصبح لا يدري أيقعد فيكم ... على حسك الشّحناء أم أين يذهب (٤)؟

وقال الآخر (٥):

أم هل كبير بكى لم يقض عبرته ... إثر الأحبّة يوم البين مشكوم


(١) ١/ ٦٢٧.
(٢) سورة يونس (٣١).
(٣) سورة النمل (٨٤).
(٤) لم أعثر على قائله. وقافيته في الغرة - لابن الدهان (٢/ ٢٨٢ آ): (... أم أين يرقد).
(والحسك): نبات له ثمرة خشنة تعلق بأصواف الغنم، وكل ثمرة تشبهها نحو ثمرة القطب والسعدان تسمى حسكا.
(والشحناء): الحقد والعداوة.
والبيت في: الدرر اللوامع (٢/ ١٨٠)، الغرة (٢/ ٢٨٢ آ)، الهمع (٢/ ١٣٣).
(٥) هو: علقمة الفحل.، ديوانه: ٥٠.
قوله (لم يقض عبرته): أي لم يشتف من البكاء.
(البين): الفراق. و (مشكوم): أي: مثاب ومجازي. والبيت فى:
الاشتقاق (١٤٠)، الأمالي الشجرية (٢/ ٣٣٤)، التبصرة والتذكرة (١/ ٤٦٨)، الخزانة (٤/ ٥١٦، ٥١٩)، الدرر اللوامع (٢/ ١٧٨)، شرح المفصل (٤/ ١٨، ٨/ ١٥٣)، شرح المفضّليّات - للأنباريّ (٧٨٦)، ضرائر الشعر (٢٠٨)، الكتاب (١/ ٤٨٧)، المفضليات (٣٩٧)، المقتضب (٣/ ٢٩٠)، الهمع (٢/ ٧٧، ١٣٣).