وأمّا الآخران: فإنّ «الألف» زادوها لمّا أرادوا بعد الصّوت وامتداده في النّدبة، كما زادوها في نداء البعيد، ولا بعيد أبعد من المندوب، ويجوز حذفها؛ استغناء بحرف النّدبة في أوّل الاسم، وأحسن ما انحذف: مع" وا" كيلا يلتبس بالمنادى. وأمّا" الهاء" فزادوها بعد" الألف" في حالة الوقف؛ كيلا يستهلكها؛ لأنّها هوائيّة لطيفة، فإذا وصلت أزلتها؛ لنيابة الكلمة التي بعد الألف عن الهاء.
الفرع الثّالث: في أحكامها.
الحكم الأوّل: لمّا كانت النّدبة تدلّ على الجزع وقلّة الصّبر، تعيّن على النادب أن يذكر شيئا يكون له عذرا عند السّامع؛ فلا يندب إلا بالاسم الّذي يعرف بذكره خلال المندوب، من كرم أو فضل أو شجاعة أو حسن أو ذكاء ونحو ذلك، وهذا إنّما يكون بأشهر أسماء المندوب، كقولك: وا حاتماه، ويا عنتراه، ويا يوسفاه؛ فلا تندب نكرة، ولا مبهما؛ فلا تقول: وا رجلاه، وا هذاه؛ لأنّه لا يقوم به عذر النّادب، اللهمّ إلّا أن تريد بقولك:" وا رجلاه" الشّجاعة
والرّجوليّة، كما يقولون: وا جبلاه؛ نظرا إلى الوصفية.
فإن قرنت بالمجهول ما يقوم به/ العذر، جاز ندبته، نحو قولك «يا من حفر بئر (١) زمزماه» (١) «وامن بنى الكعبتاه (١)».
الحكم الثّاني: إذا ندبت مضافا أوقعت «ألف» النّدبة على المضاف إليه، نحو قولك: وا أمير المؤمنيناه، وا غلام زيداه؛ لأنّ الثانى من تمام الأوّل. وإن
(١) كذا في الأصل. والعبارتان من المشهور بعينه. انظر: الأصول: الأصول ١/ ٣٥٨ والتبصرة ٣٦٥.