للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثّاني: في أحكام الشّرط

الحكم الأوّل: أن يدخل على الفعل الماضي فيقلب معناه إلى الاستقبال، كما قلبت" لم" معنى المستقبل إلى الماضي، تقول: إن خرجت خرجت، فالمعنى: إن تخرج أخرج ولا يحسن فيه الزمن الماضي؛ فلا تقول:

إن خرجت أمس خرجت اليوم، فإن أدخلت" كان" معها حسن، تقول: إن كنت خرجت أمس خرجت اليوم.

وقد يأتى فى الجزاء ما هو ماض في الظّاهر؛ حملا على المعنى، كقوله (١):

إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة ... ولم تجدي من أن تقرّي به بدا

ف" لم تلدني" فعل ماضي المعنى، إلّا أنّه لمّا كان المقصود: إذا ما انتسبنا وجدتني شريف الأمّ، جاز وقوعه في الجزاء (٢).

الحكم الثّاني: الشّرط يكون في المعاني التى ليست واجبة الوجود؛ لأنّ إن - التي هي أمّ الباب - موضوعها: أن يكون الفعل ممّا يجوز أن يوجد، وأن لا يوجد، تقول: إن قمت قمت، فالقيام جائز أن يقع، وأن لا يقع، فأمّا إذا قلت: إن طلعت الشّمس قمت، وتريد طلوعها من الأفق لم يجز؛ لأنّها تطلع سواء قمت أو لم تقم، وإن أردت طلوعها من تحت الغيم جاز، وتقول:

إن مات فلان أعطيتك كذا، فإنّما حسّن (٣) ذلك - وإن كان موته واجبا -


(١) هو زائد بن صعصعة الفقعسيّ.
انظر: معاني القرآن للفرّاء ١/ ٦١ وتفسير الطبريّ ١/ ٣٢٨ وشرح أبيات المغني ١/ ١٢٤.
(٢) قال الفرّاء في الموضع السّابق من معاني القرآن:" .. فالجزاء للمستقبل، والولادة كلّها قد مضت وذلك أنّ المعنى معروف".
وقال البغداديّ في شرح أبيات المغني:" .. فإن" لم تلدني" جواب" إذا" وهو مستقبل، وعدم الولادة ماض؛ لوقوعه قبل الانتساب .. ".
(٣) فى الأصل: حسن.