للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالعائد يرجع إلي «أنا»؛ (لأن) «أنا» (١) هو الّذي، ومن هاهنا جاز أن تحمل صلة الّذي على المعنى (٢)، فتقول: أنا الّذي قمت، وأنت الّذي قمت، وأنا الّذي ضربتك، ولو حملته على اللّفط لقلت: أنا الّذي قام، وأنت الّذي قام وأنا الّذي ضربك، فأمّا قوله تعالى: * تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ * بالرفع فالعائد محذوف، وقد ذكرناه (٣)

وقد حذفوا العائد؛ لطول الكلام في قولهم:" ما أنا بالّذي قائل لك شيئا" وقد حذفوا الصلة بأسرها في قوله: (٤)

ولقد رأبت ثأى العشيرة كلّها ... وكفيت جانيها اللّتيّا والتي

تقديره: التي من فظاعتها كيت وكيت؛ وإنّما حذفوا ليوهموا أنّ الأمر بلغ من الشدة ما تقصر العبارة عن وصفه، وتقول: أين الرجل الذّي قلت، وأين الرجل الذّي زعمت، فتكتفى ب" قلت" وزعمت من جملة الكلام الذي بعده؛ لأنّه حكاية، تريد: الذي قلت: إنّه من أمره كذا وكذا.


(١) تكملة من (ب).
(٢) انظر: المقتضب (٤/ ١٣١).
(٣) سبقت الآية في ص: ٢٤٠.
(٤) هو: سلمى بن ربيعة بن زبّان بن عامر الضبي، شاعر جاهلى
(الحماسة: ١/ ٢٨٥ - ٢٨٦)
والقصيدة في الأصمعيات (١٦٢)، منسوبه إلى علباء بن أرقم، ورواية البيت المشهورة (... ثأي العشيرة بينها).
قوله (ورأيت) الرأب: هو الإصلاح ولم الشعث.
(ثأي): فساد.
(اللتيا): كناية عن الداهية الصغيرة، و (التى) كناية عن الداهية الكبيرة. قال المرزوقي في شرح الحماسة (٢/ ٥٥١) في المعنى العام للبيت:
(لقد سعيت في إصلاح ذات البين من العشيرة ورد التعطف الذاهب عنها إليها ولم شعثها وضم نشرها، و؛ كفيت من جنى منها الجناية الصغيرة والكبيرة بالمال والنفس والجاه والعز.).
والبيت في:
الأشباه والنظائر (٢/ ٤١)، الأصمعيات (١٦٢)، الأمالي الشجرية (١/ ٢٥)، أمالى القالى (١/ ٨١)، الحماسة (١/ ٢٨٦)، الخزانة (٣/ ٤٠٣)، شرح الحماسة للتبريزى (٢/ ٥٧)، وللمرزوقي (٢/ ٥٥١)، شرح الكافية الشافية (١/ ٣٠)، المستقصى (٢/ ٤٢). نواد رأبي زيد (٣٧٤).