للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأصل فى هذا الباب: أنّ الضّمير إذا تقدّم لفظا ولم يتقدّم تقديرا كالثّانية، أو تقدّم تقديرا ولم يتقدّم لفظا، كالثّالثة، أو لزم مرتبته، كالأولى؛ فإنّ ذلك جميعه جائز، فإن تقدّم لفظا وتقديرا كالرّابعة، لم يجز، ومتى اتّصل ضمير المفعول بالفاعل، كالثالثة، لم يجز إلّا تأخير الفاعل؛ لئلّا يتقدّم المضمر على الظاهر، وهو فى موضعه، ومثله فى قوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها (١).

فأمّا قوله (٢):

جزى ربّه عنّى عدىّ بن حاتم

وقوله (٣):

ألا ليت شعرى هل يلومنّ قومه ... زهيرا .......

فالهاء فى «ربّه» و «قومه» راجعة إلى الجزاء واللّوم؛ لدلالة «جزى»


(١) - ١٥٨ / الأنعام. وقد سقط من الأصل: «يأتى بعض أيات ربّك».
(٢) - هو أبو الأسود الدؤلىّ. انظر: ملحقات ديوانه ١٢٤. ونسب إلى النابغة الزبيانى. وتتمّة بيت أبى الأسود:
جزاء الكلاب العاويات، وقد فعل
وهو الشطر الثانى من بيت النابغة، وشطره الأول - كما فى ديوانه ١٩١:
جزى الله عبسا فى المواطن كلّها
وانظر: الخصائص ١/ ٢٩٤ وابن يعيش ١/ ٧٦ والهمع ١/ ٢٣٠ والخزانة ١/ ٢٧٧.
وهو شاهد على أنّ الأخفش وابن جنّى جوّزا اتصال ضمير المفعول بالفاعل المتقدّم، لشدّة اقتضاء الفعل للمفعول به، كاقتضائه للفاعل، وهو أيضا مذهب أبى عبد الله الطّوال الكوفى، وإلى هذا ذهب ابن مالك فى التسهيل وشرحه. هذا وقد وجّه المؤلف البيت والبيت الذى يليه توجيها يخرجهما عن مخالفة الجمهور.
(٣) - هو أبو جندب الهذلىّ. انظر: ديوان الهذليين ١/ ٣٥١. وانظر: الخزانة ١/ ٢٨٠، ٢٩١.
زهير: أحد بنى لحيان، ولحيان من هذيل. جرّ: جنى على نفسه من كل وجه.