للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنّك والكتاب إلى علىّ ... كدابغة وقد حلم الأديم

فأعمل فيه الثانى، وقد أورد الفارسىّ (١) على إعمال الثانى قول الشّاعر (٢):

قضى كلّ ذى دين فوفّى غريمه ... وعزّة ممطول معنّى غريمها

وفى الاستشهاد به إشكال، لأنّ قوله: «وعزّة» مبتدأ، و «ممطول ومعنّى» خبراه، وكلّ منهما يتعلّق ب «غريمها»؛ لأنّ المعنى: يمطل غريمها، ويعنّى غريمها؛ فلا يجوز أن يرفع «غريمها» ب «ممطول»؛ لأنّه يكون مقدّما فى النّيّة، وإذا تقدّم وجب إضماره فى «معنّى» الّذى هو بعده فى التقدير، و «معنّى» قد جرى على «عزّة»، وهو لغيرها، واسم الفاعل إذا جرى على غير من هو له برز ضميره؛ فيحتاج أن تقول: وعزّة ممطول معنّى هو غريمها، لأنّ التقدير - على هذا القول - وعزّة ممطول غريمها معنّى هو، فلمّا لم يكن فى البيت ضمير بارز، علمت أنّ «غريمها» مرفوع ب «معنّى»، كأنّه قال:

وعزّة ممطول غريمها معنّى غريمها، وقيل: إنّ «غريمها» مرتفع ب «ممطول»، و «معنّى» حال منه، وعامله «ممطول».

وأمّا قول امرئ القيس (٣):

فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة ... كفانى ولم أطلب قليل من المال


(١) - انظر: الإيضاح العضدى ١/ ٦٦.
(٢) - هو كثيّر. انظر ديوانه ١٤٣.
وانظر: الإنصاف ٩٠ وابن يعيش ١/ ٨ والرجمع ٥/ ١٤٧.
ممطول: اسم مفعول من قولك: مطل المدين دائنة، إذا سوّف فى أداء دينه. معنّى: اسم مفعول من قولك: عنّى الأمر فلانا - بتشديد النون - إذا شقّ عليه وكان سببا فى عنائه وشقوته.
(٣) - انظر: ديوانه ٣٩.
والبيت من شواهد سيبويه ١/ ٧٩. وانظر أيضا: المقتضب ٤/ ٧٦ والخصائص ٢/ ٣٨٧ والإنصاف ٨٤ وابن يعيش ١/ ٧٨، ٧٩ والمغنى ٢٥٦ وشرح أبياته ٥/ ٣٥، ٩٥ و ٧/ ٩٧.