للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا حاجة إلى تعريفه، فإن أردت بقولك: ضربت الضّرب، ما يستحقّ أن يسمّى ضربا على الحقيقة، جاز وحسن؛ من حيث إنّه أشبه الموصوف.

فإن كان المصدر مؤقّتا، عمل فيه الفعل وهو معرّف تعريف الجنس، تقول: قد تضرب الضّربة فتغنى عنّا الضّربات الكثيرة؛ لأنّ الفعل لا يدلّ على المؤقّت؛ فلا يكون فى حكم التّكرير.

الحكم الثّانى: إذا أضفت إلى المصدر ما هو وصف له فى المعنى، تنزّل منزلته، تقول ضربته ضرب زيد عمرا، تقديره: ضربته ضربا مثل ضرب زيد عمرا، فحذفت المضاف وأقمت المضاف إليه مقامه، ولولا هذا المحذوف لكان الكلام محالا؛ لأنّه ينبئ أنّك أحدثت ضرب زيد، ومثله: ضربته كما ضرب زيد عمرا، أى: ضربا كما ضرب، ومنه قول الرّاجز (١):

حتّى إذا اصطفوّا لنا جدارا

وقول الآخر (٢):

ولم يضع ما بيننا لحم الوضم

أى: اصطفا فامثل اصطفاف جدار، و: إضاعة مثل إضاعة لحم الوضم.

وتقول: سرت أشدّ السّير، وصمت أحسن الصّيام، فتنصب" أشدّ"


(١) - هو العجاج، والبيت من أرجوزه يمدح فيها الحجاج، ويذكر فتكه بالخوارج. انظر: ديوانه ١٤٤.
وانظر: الخصائص ٣/ ٣٢٢، ٣٢٣، والمحتسب ٢/ ١٢١. وقوله: اصطفوا: يعنى الخوارج، يريد:
أنهم برزواله فى الموقعة، وجواب الشرط فى قوله بعد ذلك:
أورد حذّا تسبق الأبصارا ... يسبقن بالموت القنا الحرارا
والمراد بالحذّ: السّهام الخفيفة، والحرار: جمع الحرّى؛ وصفها بذلك لحرارة الطعن بها.
(٢) - هو العجاج من أرجوزة يخاطب فيها مروان بن الحكم. انظر: ديوانه ٢٧٨ وانظر أيضا:
الخصائص ٣/ ٣٢٢، ٣٢٣ برواية:
ولم يضع جاركم لحم الوضم
والوضم: كل شئ يوضع عليه اللّحم من خشب وغيره، ليقيه من الأرض.