وليس كلّ مصدر يبين عن هذين النّوعين، ألا ترى أنّ المفعول المطلق مصدر وليس فيه بيان عنهما؛ فلا تدخله الأسماء الصّريحة، تقول: ضربته تأديبا له، فيصحّ فيه أن تقول: تأديبه ضربه، وضربه تأديبه، وتأديبه فى ضربه، وتقول: قعدت عن الحرب جبنا فجبنا، وإن لم يكن غرضا، فهو داخل فى الأوّل؛ لأنّك تقول: قعوده جبنة، وجبنه فى قعوده، ولا يصحّ أن تقول:
ضربتك ضربا، ولا قصدتك مالا، ولا زرتك زيدا؛ لأنّها لا تكون سببا للفعل، ولا غرضا للفاعل.
الثانية: أن يكون العامل فيه فعلا من غير لفظه؛ لأنّه لو كان منه لالتبس بالمصدر المؤكّد؛ فكنت إذا قلت: قمت قياما، [لا](١) يعلم هل هو غرض؟ أم مؤكّد؟؛ لأنّ الشّئ لا يكون سببا لنفسه؛ إذ يكون عاريا من الغرض.
الثّالثة: أن يكون العامل فعلا لفاعل الفعل المعلّل، تقول ضربته تقويما له؛ فأنت فاعل الضّرب والتّقويم.
الرابعة: أن يكون مقارنا للفعل المعلّل فى الوجود؛ فيكون التقويم مقارنا للضّرب.
فمتى عدمت هذه الشّرائط أو بعضها، بطل فيه النّصب، وظهرت الّلام فى الّلفظ، وذلك بأن يكون اسما غير مصدر، أو مصدرا من لفظ الفعل، كما سبق، أو يكون فعلا لغير الفاعل، كقولك: زرتك إكرامك الزّائرين، أو يكون غير مقارن له، كقولك: زرتك اليوم ضربك زيدا أمس؛ فلا يجوز أن ينتصب