للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وملابستك زيدا، قال (١):

فمالك والتّلدّد حول نجد ... وقد غصّت تهامة بالرّجال

ومنه قولهم:" ما شأنك وزيدا"؛ لأنّك إن حملت" (٢) زيدا على الكاف، لم يجز؛ حيث هو ضمير مجرور، وإن حملته على الشّأن، كان محالا؛ لأنّ" زيدا" ليس بتلبّس (٣) به، وإنّما هو متلبّس بالكاف، فأضمرت له ما ينصبه، وقدّره سيبويه فقال: ما شأنك وتناولك (٤) زيدا، أى:

وملابستك زيدا، ومنه قولهم: حسبك وزيدا درهم، قال الشّاعر (٥):

فحسبك والضّحّاك سيف مهنّد


(١) هو مسكين الدرامى. انظر: ديوانه ٦٦.
والبيت من شواهد سيبويه ١/ ٣٠٨ وانظر: الكامل ٤٣٢ وابن يعيش ٢/ ٤٨، ٥٠.
التلدّد: الذّهاب والمجيء حيرة. غصّت: ملئت، وأصل الغصص: الاختناق بالطعام.
والشاهد فيه: نصب" التلدّد" بإضمار فعل، تقديره: ما تصنع وتلابس التلدّد، والمعنى: مالك تقيم بنجد تتردّد فيها مع جدبها، وتترك تهامة، مع لحاق الناس بها لخصبها.
(٢) أى: إن عطفته على الكاف لم يجز؛ لأنّ العطف على الضمير المجرور لا يجوز إلا بإعادة الجار لك كما فى قوله:" وعليها وعلى الفلك
تحملون"
(٣) لأنّ بينهما تباينا. هذا، والكلمة فى الأصل هكذا: ملتبس، وكذا كلمة ملتبس الآتية بعد. والأولى فيهما ما أثبتّ.
(٤) الكتاب ١/ ٣٠٧، ٣٠٩.
(٥) قال القالى: هو جرير، وليس البيت فى ديوانه المطبوع. انظر: ذيل الأمالى ١٤٠ - ١٤١، وسمط اللآلئ ٨٩٩.
وصدر البيت:
إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا
وهو من شواهد الفرّاء فى معانى القرآن ٤١٧، وانظر أيضا الأصول ٢/ ٣٧ وابن يعيش ٢/ ٤٨، ٥١، والمغني ٥٦٣ وشرح أبياته ٧/ ١٩١ واللسان وتاج العروس (عصا).
والهيجاء: الحرب. والضحّاك: اسم رجل، والمهنّد: القاطع. والمعنى إذا اختلفت الكلمة، ووقعت الحرب، فإنه يكفيك مع هذا الرجل - وهو الضحاك - سيف مهنّد.