للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموجب لفظا ومعنى: قام القوم إلّا زيدا، ورأيت القوم إلّا زيدا، ومررت بالقوم إلّا زيدا، وتقول في الموجب معنى، لا لفظا: ما أكل أحد إلّا الخبز إلّا زيدا، وما جاءني أحد إلّا راكبا إلّا زيدا، فمعنى الكلام: كلّ النّاس أكلوا الخبز إلّا زيدا، وكلّ النّاس جاءوني راكبين إلّا زيدا.

وأمّا المنقطع فهو: أن يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه، كقولك: هلك القوم إلّا الدّار، ورحل النّاس إلّا المنازل، والبصريّ يقدّر" إلّا" فيه بمعنى" لكن"، والكوفيّ (١) يقدّرها ب" سوى".

ولا بدّ للمنقطع البدليّ (٢) من معنى يتّصل به الثّاني بالأوّل، حتّى يصير إلى أنّه لو لم يستثن لظنّ أنّه فيه، فيكون الكلام الذي قبل" إلّا" قد دلّ على ما يستثنى منه.

وأمّا غير الموجب/: فأن يقع في نفى أو نهى أو استفهام، وهو نوعان:

النّوع الأوّل: أن يكون العامل مفرّغا، فيتسلط على معموله: لأنه إذا تفرّغ ممّا يستحقّه بالوضع، لم يحتج إلى معدّ؛ فيكون وقوع" إلّا" معه ملغي لفظا، مستعملا معنى، وتعرب المستثنى بما يستحقّه من الإعراب، تقول: ما قام إلا زيد، وما رأيت إلّا زيدا، وما مررت إلا بزيد، فهذا ليس بدلا حقيقيّا؛ لأنّ المبدل منه غير مذكور فيضمر، إلا أنّ فيه معنى البدل من شئ مقدّر كأنك قلت: ما قام أحد إلّا زيد؛ لأنّ المستثنى لا يكون إلا من مستثنى منه؛


(١) انظر: الأصول ١/ ٢٩٠.
(٢) أى: الذى يكون فيه المستثنى بدلا من المستثنى منه.