للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقول: أكبر، وإنّما تقول: كبري بناتك، أي: أنها الكبيرة منهنّ (١) وقد جاء الوجهان في قول النبىّ صلّى الله عليه وسلّم:" ألا أخبركم بأحبّكم إليّ، وأقربكم منّي مجالس يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقا، ألا أخبركم بأبغضكم إليّ، وأبعدكم منّي مجالس يوم القيامة؟ أساوئكم أخلاقا" (٢).

وقد جاء" أفعل"، وليس هناك اشتراك، كقوله تعالى: أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا (٣). ولا خير في مستقرّ أهل النّار، وهو في التنزيل كثير، ومن كلامهم: الصّيف أحرّ من الشّتاء"، وأمثلة نحوه كثيرة، فإذا ثبت ذلك فلا يجوز - على النّوع الثّاني - زيد أفضل إخوته؛ لأنّ صحّة كلّ واحد من طرفيها يقضى بفساد الآخر؛ فإنّ زيدا يجب أن يكون واحدا من الإخوة، وحيث أضفتهم إلى ضميره خرج عن أن يكون منهم، بدليل خروجه في قولك: جاءني إخوة زيد، وتنزّلت منزلة: زيد أفضل الحمير، فإن قلت: زيد أفضل الإخوة، صحّت المسألة ويجوز - على الثّالث - حيث التقدير: زيد فاضل إخوته، ولا إحالة فى ذلك.

وقياس" أفعل" - في كلا نوعيها - أن يصاغ من ثلاثيّ لا زيادة فيه، وليس من الخلق الثّابتة، والعيوب، فلا تقول:

زيد أجوب من عمرو، ولا أعور منه، ولا أسمر، ولا أطلق منه، ولكن يتوصّل إلى التّفضيل في نحو هذه الأفعال، بأن يصاغ" أفعل" ممّا يصاغ منه، ثمّ يميّز بمصادرها، تقول: هو أسرع منه جوابا، وأقبح عورا، وأشدّ سمرة، وأسرع انطلاقا.

وقد شذّ من ذلك ألفاظ، قالوا:" هو أولاهم للمعروف"، و" أعطاهم للدّينار والدرهم" وهذا المكان أقفر من غيره، وأنت أكرم لي من زيد وهذا الكلام أخصر،


(١) في الأصل: منهم، والمناسب ما أثبتّ.
(٢) انظر: مسند أحمد ٤/ ١٩٣ - ١٩٤ وصحيح التّرمذي ٨/ ١٧٤.
(٣) ٢٤ / الفرقان.