للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقي الله حميدا، ولم يكن ممن يود أنّ بينه وبين عمله أمدا بعيدا ...

ولئن أصيب المملوك فيه بأخ حميم فقد أصيب مولانا فيه بولي كريم، فيا وحشة الدولة لفضيلته وأنسها، ويا عطلها لنزع لباس مجده الذي كان من أجمل لبسها، ويا خلو أرضها من الجبل الذي كان يوقرّ أقطارها، ويعلي منارها، ولو وجدت بعده عوضا لأسلاها، ولكن عزّ وجوده، والله أفرده بالفضيلة التي أقرّ بها عدوّه، وكمد لها حسوده، ولربما وقف على كتاب المملوك بعض الناس، فقال: مهلا، وظن أنه أسرف في تأبين أخيه ولم يقل إلا

عدلا، والحق لا يتمارى فيه إذ كان أشهر من نار على علم، وإذا كانت الأيام شاهدة بهذه الأوصاف فلا يحتاج مع شهادتها إلى قسم) (١).

ونقل اليافعيّ عن أبي البركات بن المستوفي قوله عن ابن الأثير:

(أشهر العلماء ذكرا، وأكثر النبلاء قدرا، وأوحد الأفاضل المشار إليهم، وفرد الأماثل المعتمد في الأمور عليهم) (٢).

ومن العجيب أن يأتى الملك الأشرف الغساني بعد قرنين من وفاة مجد الدين بن الأثير فيقول عنه: (وكان من أشد الناس بخلا) (٣)، وهو الذي شهد له معاصره بأنه ذو بر وإحسان.

وقد نقل الذهبي هذا القول عن ابن الشعار الموصلي ثم قال: (من وقف عقاره لله فليس ببخيل، فما هو ببخيل ولا جواد، بل صاحب حزم واقتصاد رحمه الله) (٤).


(١) رسائل ابن الأثير (تحقيق: أنيس المقدسيّ) (٢٦٥ - ٢٦٦).
(٢) مرآة الجنان وعبرة اليقظان (٤/ ١٢).
(٣) العسجد المسبوك والجوهر المعكوك في طبقات الخلفاء والملوك (٣٣٢).
(٤) سير أعلام النبلاء ٢١/ ٣٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>