للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومتى بنيت هذه الأفعال لما لم يسمّ فاعله صارت متعديّة إلى مفعولين، تقول: أعلم زيد عمرا عاقلا؛ ومنه قول الشاعر (١):

وإنّ الّذي حدّثتم في أنوفنا ... وأعناقنا من الإباء كما هيا

الحكم الرّابع: المفعول الأوّل والثّاني لا يكونان إلّا اسما صريحا؛ لأنّهما المفعول والمبتدأ فى باب «ظننت»، والمفعول الثّالث يكون مفردا، وجملة كالمفعول الثاني فيه؛ تقول: أعلم الله زيدا عمرا أبوه قائم، وقام أبوه، وفي الدّار.

وتقع «أنّ» وما عملت فيه، فتسدّ مسدّ المفعول الثّاني والثّالث، كما سدّت في «ظننت» مسدّ الأوّل والثّاني؛ فتقول: أعلمت زيدا أنّ عمرا منطلق، فإن أدخلتها علي الثّالث، وكان المفعول الثّاني جثّة كسرت «أنّ»، تقول: أعلمت زيدا عمرا إنّه عاقل، فإن كان الثّاني مصدرا، فتحتها، تقول: أعلمت زيدا قدوم عمر وأنّه قريب.


(١) هو جريّ بن كليب الفقعسيّ، ويقال: حرّي، ويقال: جزء.
انظر: حماسة أبى تمّام، تحقيق د/ عبد الله عسيلان ١/ ١٣٧، وشرح المرزوقى، تحقيق عبد السّلام هارون ٢٤٣ وما في حواشيهما.
ورواية البيت في الحماسة هكذا:
وإنّ التى حدّثتها في أنوفنا ... وأعناقنا ...
يقول المرزوقيّ في شرح البيت: وإنّ النّخوة التى أبلغتها والحميّة التي حدّثتها باقية في أنوفنا حتّى لا نشمّ بها مرغمة، وفي أعناقنا ورءوسنا
حتّى لا نلويها إلى مخزية ومنقصة، هي حاصلة فيها كما أبلغت ....
وقوله: «فى أنوفنا» فى موضع المفعول الثالث ل «حدّثتها» وقوله: «كما هيا» فى موضع خبر «إنّ» و «ما» زائدة، أراد: كهي.