للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصب (١)، وعند الفرّاء (٢) رفع وتكون للواحد والاثنين والجميع والمؤنّث، بلفظ واحد، ولا فرق بين وجود الكاف وعدمها؛ تقول: أرأيتك زيدا ما صنع، وأ رأيت زيدا ما صنع، وليست من رؤية القلب، ولا من رؤية العين، ولها في الكلام موضعان:

أحدهما: بمعنى" أخبرني"، فلا تقع إلّا على اسم مفرد، أو جملة شرطيّة ماضية، كقوله تعالى: أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ (٣)، وكقوله:

أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ (٤).

والثّانى: أن يكون بمعنى" انتبه"، كقولك: أرأيتك زيدا فإنّى أحبّه، أى: انتبه له فإنّى أحبّه، وقد يحذف جواب الشّرط تارة للعلم به، ويحذف الشرط ويؤتى بالجواب، كقوله تعالى: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي (٥) فلم يأت بالجواب (٦)، وقال تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ


(١) انظر: البحر المحيط ٤/ ١٢٥.
(٢) انظر: معاني القرآن للفراء ١/ ٣٣٣ حيث قال:" وموضع الكاف نصب، وتأويله رفع؛ كما أنّك إذا قلت للرّجل: دونك زيدا، وجدت الكاف فى اللّفظ خفضا، وفي المعنى رفعا؛ لأنّها مأمورة". وقال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٢٤٦:" قال الفرّاء: لفظها نصب .... " ثم قال:" وهذا لم يقله من تقدّم من النحويّين، وهو خطأ؛ لأنّ قولك أرأيتك زيدا ما شأنه، تصير" أرأيت" قد تعدّت إلى الكاف وإلى" زيد"، فيصير ل" رأيت" اسمان: فيصير المعنى: أرأيت نفسك زيدا ما حاله، وهذا محال".
(٣) ٦٢ / الإسراء.
(٤) ٤٦ / الأنعام.
(٥) ٨٨ / هود
(٦) قال الزّجاج في معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٧٣:" وجواب الشرط هاهنا متروك. المعنى: إن كنت على بيّنه من ربيّ أتّبع الضّلال؟ فترك الجواب لعلم المخاطبين بالمعني".