للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنّما عملت لأنّها أشبهت الأفعال فى بنائها ووزنها، وأشبهت" كان" فى دخولها على المبتدأ والخبر، والبصريّ يعملها في الاسم والخبر معا، والكوفيّ يعملها (١) في الاسم ويبقي الخبر مرفوعا كما كان قبل دخولها.

الحكم الثّاني: أخبار هذه الحروف جارية. كأخبار المبتدأ - غالبا - من المفرد والجملة والظّرف، تقول: إنّ زيدا قائم، وإنّ زيدا أبوه منطلق، وإنّ زيدا قد قام أبوه، وإنّ زيدا في الدّار، ويلزم الضّمير فيها، كما لزم في أخبار" كان"، وقد حذف في الشّعر.

وذهب بعضهم إلى أنّ الفعل الماضي لا يقع خبرا (٢) ل" لعلّ" فلا تقول:

لعلّ زيدا قام أبوه، والمذهب: جواز وقوع الماضى خبرا عنها، ومنه قولهم:

أريد المضيّ إلى فلان لعلّه خلا بنفسه، وتقول في الخبر يرد عليك: لعلّى سمعت هذا، وقيل: هذه حكاية حال، وحكى الأخفش: لعلّ زيدا سوف يقوم، ولم يجز: ليت زيدا (٣) سوف يقوم.

الحكم الثّالث: إذا اجتمع في الكلام معرفة ونكرة فالاسم المعرفة، والخبر النكرة؛ لأنّ الفائدة معذوقة (٤) بالمعرفة، تقول إنّ زيدا قائم، ولا تقول:

إنّ قائما زيد، وقد جاء في التنزيل الاسم نكرة والخبر معرفة؛ للفائدة المطلوبة في الخبر، وهو قوله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً (٥)، وأمّا قوله تعالى: إِنَّ أَوْلَى/ النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ (٦) فيحتمل التعريف والتنكير، وأمّا مجيئه في الشّعر فكثير.


(١) انظر: الإنصاف ١٧٦.
(٢) في الهمع ٢/ ١٥٨ " ومنع مبرمان وقوع الماضي خبرا ل" لعلّ".
(٣) انظر: الهمع في الموضع السابق.
(٤) مرتبطة بها، والعذق: الرّبط، وفي أساس البلاغة (عذق): معذوقه: موسومة.
(٥) ٩٦ / آل عمران.
(٦) ٦٨ / آل عمران.