للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشاهد؛ فلا يحتاجان إلى التوكيد، ويلحق الماضى أسماء الأفعال؛ فلا يدخلان عليها؛ استغناء بما بنيت عليه من المبالغة. وقد جوّز قوم دخولها على الحاضر. وأمّا المستقبل: فعلى ثلاثة أضرب: ضرب لا بدّ من وجود النّون فيه، وضرب أنت فيه مخيّر، وضرب تقف فيه على المسموع.

الضّرب الأوّل: هو الفعل المستقبل المقسم عليه فى الإيجاب، كقولك: والله ليقومنّ، وو الله لينطلقّنّ، ومنه قوله تعالى: وَتَاللَّهِ/ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ (١) وقوله: لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ (٢).

وهذه النّون لازمة. وقد أجاز الفارسيّ (٣) حذفها منه؛ وإنّما دخلت في القسم فصلا بين لامه الّتي تكون للمستقبل وبين لام التّوكيد التى تصلح للحال، فلما كانت النّون فارقة كانت لازمة؛ خوف اللّبس. قال سيبويه: وسألت الخليل عن قوله: لتفعلنّ، مبتدأة، لا يمين قبلها، فقال: جاءت على نيّة (٤) اليمين.

وإذا حكيت عن غيرك قلت: أقسم لتفعلنّ واستحلفته ليفعلنّ.

وقد ألحق الزّجّاج (٥) وجماعة من النّحاة بالقسم «إن» الشّرطيّة، إذا دخلت عليها «ما» مع المستقبل؛ كقوله تعالى: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً (٦) وقوله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما (٧)، والفارسىّ لا يلزم


(١) ٥٧ / الأنبياء.
(٢) ٣٢ / يوسف.
(٣) الإيضاح العضديّ ١/ ٣٢٣.
(٤) الكتاب ٣/ ١٠٦.
(٥) معاني القرآن وإعرابه ١/ ١١٧ عند الكلام علي قوله تعالي فى سورة البقرة: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ. وانظر هذا الرأي للزجّاج أيضا فى: البحر المحيط ٧/ ٤٧٧ والهمع ٤/ ٣٩٩.
(٦) ٢٦ / مريم.
(٧) ٢٣ / الإسراء وكتبت فى الأصل: فإمّا يبلغن. وهذا خطأ؛ فلا وجود للفاء مع «إمّا» هاهنا.