للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النّوع الرّابع: المؤنّث المفرد المخاطب، ويبنى الفعل فيه مع النّونين (١) علي الكسر، كقولك: لا تضربنّ زيدا، ولا تضربنّ عمرا، الأصل فيه: تضربين، فحذفت «النّون» للجزم، وحذفت «الياء» لالتقاء السّاكنين، وبقيت الكسرة قبلها تدلّ عليها. فإن كان غائبا، أو متكلّما فالفتح، كالمفرد المذكّر.

النّوع الخامس: فى المؤنّث المثّنّى، وحكمه حكم المذكّر المثنّى؛ لأنّ فعلهما فى التّثنية واحد، تقول للرّجلين وللمرأتين: اضربا، فإذا أدخلت «نون» التوكيد، قلت: اضربانّ.

النّوع السّادس: المؤنّث المجموع، ولا تدخله إلّا «النّون» الثّقيلة، ويفصل بينها وبين «نون» الجماعة ب «ألف»؛ هربا من اجتماع الأمثال؛ فتقول:

اضربنانّ زيدا، ولا تكرمنانّ عمرا، ولم يدخلوا عليه الخفيفة؛ لئلّا تنقلب في


(١) جمهور النّحاة علي أنّ المضارع مبنىّ علي الفتح إذا باشرته إحدى نوني التوكيد، فإذا انتفت المباشرة أعرب المضارع.
وذهب الأخفش والزجّاج وآخرون إلى أنّ المضارع مبنىّ إذا اتصلت به نون التوكيد، سواء باشرته أو لم تباشره. ذكر ذلك ابن عقيل في شرح الألفية ١/ ٣٩ وفي شرح التسهيل ٢/ ٦٧٢، وذكره الأشمونىّ أيضا فى شرحه علي الألفيّة ١/ ٦٣ (بحاشية الصّبان). قال الصّبّان شارحا كلام الأشمونى مبيّنا حركة بنائه حينئذ: «أي على الفتح، حتّى في المسند إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة، لكنّه فيه مقدّر، منع من ظهوره حركة المناسبة، هذا هو الأقرب، وإن توقّف فيه البعض».
فهل قول الصبّان: «إن توقّف فيه البعض إشارة إلي ما ذكره صاحب البديع؟! قلت: لا مانع من هذا الاستنتاج.
بقى الآن أن نقول متسائلين هل انفرد ابن الأثير بالقول ببناء المضارع علي الضّمّ فى نحو قوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ وعلي الكسر في نحو: لا تضربنّ زيدا؟!! وللإجابة علي هذا التّساؤل أقول: لا أستطيع الجزم بذلك؛ فلعلّ الرّجل مسبوق بمن قال ذلك، وأقول أيضا: قد يكون ابن الأثير قد انفرد بهذا الرأى؛ فهو متّفق تماما مع منهجه؛ فمن منهجه - أحيانا - أخذ الامور على ظاهرها تيسيرا علي المبتدئين، وقد وفّيت المسألة حقّها في باب الدراسة. انظر ص ١٦٠ - ١٦٢.