أيضاً من أشد الناس عذاباً حتى لو كان من الموحدين: المصورون الذين يضاهئون ويتشبهون بخلق الله تبارك وتعالى، ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أشد الناس عذاباً عند الله المصورون)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفساً، فيعذبه الله في جهنم)، متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام لـ عائشة في النمرقة التي كان فيها التصاوير (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم) يعني: أنتم تتشبهون بفعل الله فهيا أحيوا ما خلقتم.
ووصل افتتان بعض هؤلاء المصورين أنه بعدما صنع بعض التماثيل، ومن شدة فتنته وخذلان الله إياه أنه صرخ في التمثال بعدما صنعه قائلاً: هيا انطق، إمعاناً في مضاهاة خلق الله تبارك وتعالى، فتصوير ذوات الأرواح هذا من خصائص الله عز وجل، فلا يجوز للإنسان أبداً أن يرسم بيده صورة شيء له روح أو تماثيل، والتصوير نقطة، واتخاذ التصاوير نقطة أخرى، فحتى من يبيح بعض أنواع التصوير فعليه أيضاً ألا يبيح اتخاذها وتعلقيها في مواطن التعظيم على هيئة التوقير، كما يفعل بصور المشايخ والأقارب والأجداد؛ فهذا من أقبح الذنوب، واتخاذ الصور معصية إضافية بجانب ذنب التصوير في حد ذاته، فينبغي ألا تتخذ وألا تصور، وقال عليه الصلاة والسلام:(أشد الناس عذاباً الذين يضاهون بخلق الله)، يعني: يتشبهون بخلق الله تبارك وتعالى، فالذي يصور وينازع الله تبارك وتعالى في هذه الخصيصة، من تصوير ذوات الأرواح، فهو يضاهي ويتشبه بفعل الله، فكما يحرم تشبيه الله بخلقه، يحرم تشبه المخلوق بفعل الخالق الذي اختص به الله تبارك وتعالى.
ويقول النبي عليه الصلاة والسلام:(قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة) متفق عليه.
ومعروف أن هناك فرقاً من اليهود والنصارى يحرمون التصوير، فلسنا وحدنا المتطرفين في هذا الباب مع التجوز في هذا التعبير، ففي فترة من الفترات أعلن عن أحداث معينة حصلت في المسجد الأقصى عن طائفة من اليهود لعنهم الله، كانوا يتظاهرون ويستنكرون التصوير، ويقولون: الدين اليهودي لا يبيح التصوير، فلذلك هم يستنكرون ذلك، ووصفوهم آنذاك بالتطرف، وأيضاً توجد طوائف من النصارى تحرم التصوير، وتحرم اتخاذ الصور والتماثيل.