يقول شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله: والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بالله ورسوله، واتباع كل ما جاء به، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم، وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل.
فهذه الطبقة من كفار الجهل هي في الكفار الأصليين، وبعض الناس ينتزعون هذه العبارة من كلام ابن القيم ويطبقونها على المسلمين الجهال، ويقولون: قال ابن القيم: فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم، وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل.
ونحتج عليهم بقول ابن القيم بعد ذلك: فإن الكافر من جحد توحيد الله، وكذب رسوله إما عناداً أو جهلاً أو تقليداً لأهل العناد.
وهذا الذي أقر إقراراً مجملاً بالإسلام لم يجحد توحيد الله، ولم يكذب الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
فمن احتج بأن الإسلام لا يثبت عقده إلا بتحقق التوحيد والعبادة، وأن هذا القدر لا يعذر فيه بالجهل احتج عليه بما ذكره ابن القيم بعد ذلك من أن الكفر لا يتحقق إلا بجحود التوحيد وتكذيب الرسل، كما عبر عن ذلك الطحاوي رحمه الله بقوله: ولا يخرج العبد من الإسلام إلا بجحود لا عذر له فيه.
فهل من تلبس بشيء من الشرك من العامة وهو جاهل بحقيقته هل هو جاحد للتوحيد؟! وهل هو مكذب للرسل؟! والجحود معروف بأنه الإنكار بعد العلم، وهذا لم يعلم أصلاً ولم تبلغه الحجة! وإذا طعن بعض الناس في جحوده للتوحيد فهل هو مكذب للرسول صلى الله عليه وسلم؟! إنه لا يكذب الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنما جهل فوقع في المخالفة التي لا يعرف أنها تضاد التوحيد الذي أقره الله عز وجل.