ذكر الكاتب مسلك الإيمان المجمل وقال: إن له شقين: التصديق بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة وعلى الغيب، والالتزام بشريعته جملة وعلى الغيب وذكرنا أن جميع علماء المسلمين لم يذكر واحد منهم أبداً أن حد الإسلام أو حكم ثبوت عقد الإسلام لأي إنسان يشمل المعرفة التفصيلية بالأمور التي ينبغي التصديق بها، والمعرفة التفصيلية بالأمور التي ينبغي الانقياد لها، فاعتبار الإيمان على جهة التفصيل بكل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أصلاً للدين يتوقف على انتفائه عدم ثبوت عقد الإسلام لا يمكن للإنسان أن يدعيه، فلم يقل أحد من السابقين ولا من اللاحقين لا من أهل السنة ولا من أهل البدعة؛ بتوقف ثبوت صفة الإسلام على الإحاطة بجميع الأخبار والتكاليف الشرعية على وجه الاستقصاء والتفصيل، ولا يتصور أبداً أن يتوقف حكم الإسلام لأحد حتى نأتي به ونتلو عليه جميع ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ونسرد عليه جميع الأحكام الشرعية التي كلفنا بها، ويقر بالتزامه وتصديقه بها على جهة التفصيل.
أيضاً لم يقل أحد من أهل القبلة بأن الجهل بأي أمر من الأمور الشرعية يؤدي إلى انخرام أصل الدين والخروج عن ملة الإسلام، وعدم الدخول فيه من البداية.
أيضاً لم يعرف في تاريخ الإسلام أن أحداً أُرجئ الحكم بإسلامه حتى تعرض عليه كافة شرائع الدين، وكافة أخباره وزواجره ووعده ووعيده ليؤخذ إقراره التفصيلي بذلك كله، ثم يثبت له عقد الإسلام بعد ذلك، بل كان الدعاة والعلماء -ولا يزالون- من السلف والخلف يقبلون من الناس الإقرار والالتزام العام، ثم يُعلمون بعد ذلك شرائع الدين على مكث وعلى مهل.
فالكاتب يوافقنا أيضاً في ذلك حينما يقول: إن حد الإسلام هو التصديق بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة وعلى الغيب، والانقياد لشرعه جملة وعلى الغيب، يقصد الإجمال حقيقة ولا يمكن أن يقصد سوى ذلك.
فأصل الدين هو القبول المجمل لكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وليس هو القبول على وجه التفصيل لكافة الأخبار والتكاليف.