حقيقة لا إله إلا الله الذي هو إفراده بجميع العبادات، وتخصيصه بالقصد والإرادات، ونفيها عما سواه من جميع المعبودات التي نفتها لا إله إلا الله، وذلك هو الكفر بالطاغوت والإيمان بالله الذي لا يبقي في القلب شيئاً لغير الله، ولا إرادة لما حرم الله، ولا كراهة لما به أمر الله.
هذا والله هو حقيقة لا إله إلا الله.
وأما من قالها بلسانه ونقضها بفعاله فلا ينفعه قول لا إله إلا الله، فمن صرف لغير الله شيئاً من العبادات، وأشرك به أحداً من المخلوقات، فهو كافر ولو نطق ألف مرة بلا إله إلا الله.
قيل للحسن رحمه الله تعالى: إن ناساً يقولون: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، فقال: من قالها وأدى حقها وفرضها أدخلته الجنة لا إله إلا الله.
وقال ابن منبه لمن قال له: أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ قال: بلى، ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك؛ لأنك في الحقيقة لم تقل: لا إله إلا الله.
فيا ذوي الأسماء العتيدة! لا تظنوا أمور الشرك منكم بعيدة، فإن هاهنا مهاوياً شديدة تقدح في لا إله إلا الله.
أين من وحد الله بالحب والخوف والرجاء والعبادة؟ أين من خصه بالذل والخضوع والتعظيم والقصد وأفرده بالتوكل فجعل عليه اعتماده؟ كل هذا من معاني لا إله إلا الله.
فسارعوا عباد الله إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين قاموا بواجبات لا إله إلا الله، {وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}[الذاريات:٥١]، وتمسكوا بعرى لا إله إلا الله، فمن نفى ما نفته، وأثبت ما أثبتته، ووالى عليها وعادى؛ رفعته إلى أعلى عليين منازل أهل لا إله إلا الله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا}[النبأ:٣٨].
هذه خطبة جمعة كاملة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى تدور حول كلمة النجاة وكلمة الشهادة لا إله إلا الله، وقد أثبت فضائل عظيمة جداً لكلمة الشهادة وكلمة النجاة، وقبل أن نستطرد في الكلام في متعلقاتها، وما ينقضها، وما يصلح فيها وينحرف عن معانيها؛ نتحدث اليوم إن شاء الله في فضائل هذه الكلمة العظيمة.