هناك فرق في قضية التكفير بين النوع وبين العين، أما كفر النوع: فهو الحكم على الفعل في ذاته، وما ينبغي أن يعتقده كل مسلم في هذا الموضوع الذي نتناوله.
أما الحكم على الشخص الذي قام بهذا الفعل، هل هو كافر أم غير كافر، فهذه إلى حد بعيد قضية تتعلق بإجراءات من المفروض أن يتخذها القضاء الشرعي إن وجد، أما إن لم يوجد القضاء الشرعي فيكل الإنسان الأمر إلى أهل العلم ليقولوا فيه قولتهم، ولا يجترئ على الكلام من عند نفسه، حتى لا ينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم:(من قال لأخيه: يا كافر! فقد باء بها أحدهما)، فإذا دفع الرجل الحكم بالكفر عمن يعتقد هو في نفسه أنه مسلم وأنه مبرأ من الكفر، ذاباً عن عرض أخيه المسلم؛ فإنه يثاب في ذلك حتى ولو لم يصادف الحق ولم يوافق الصدق في هذه الجزئية، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -وكما سننقله عنه إن شاء الله فيما بعد بالتفصيل-، فمن اجتهد في دفع الحكم بالكفر على من يحسن به الظن من المسلمين؛ فإنه يثاب على ذلك ولا يؤثم فضلاً عن أن يكفر، تطبيقاً للقاعدة التي يساء فهمها وبالتالي يساء تطبيقها: من لم يكفر الكافر فهو كافر.
يعني: إذا كان راضياً بكفره، أو من لم يكفر الكافر الذي قام دليل قطعي على كفره مثل: فرعون أو أبي لهب، أو اليهود والنصارى وهكذا.
أما من اختلف العلماء في كفره مثلاً: كتارك الصلاة، هل العلماء الذين لا يكفرون تارك الصلاة كسلاً يعتبرون في نظر العلماء الذين يكفرون تارك الصلاة كفاراً؟! هل يقولون لهم: من لم يكفر تارك الصلاة فهو كافر؟! هل الإمام أحمد يكفر الشافعي وأبا حنيفة ومالكاً وغيرهم من الأئمة الذين لا يكفرون تارك الصلاة كسلاً؟! إن هذا فتح لباب عظيم من الفوضى والاعتداء على حرمات الله تبارك وتعالى، ففي موارد الاجتهاد أو في المواضيع الإجرائية الخلاف فيها أمر له شأن آخر سنتكلم عليه بالتفصيل في قضية العذر بالجهل إن شاء الله.