[الإيمان والكفر والقضايا المتعلقة بهما]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فقد شرعنا في دراسة متعلقات قضية الكفر والإيمان، وتكلمنا في فضائل كلمة التوحيد، وشرعنا في ذكر شروط كلمة التوحيد، وهذه السلسلة ما من شك أن لها حساسية خاصة، وتحتاج إلى أن يكون البناء فيها طبقاً فوق طبق في التثقيف؛ بحيث نمر على أغلب القضايا المهمة المتعلقة بها.
وسوف نناقش حكم تارك شيء من أركان الإسلام العملية، ولا شك أن الإجماع منعقد على كفر من أخل بالشهادتين، فهو لا يعد مسلماً، أما من أتى بالشهادتين وأتى بشيء من الأركان الإسلامية بالذات الصلاة، وغيرها من الأركان كالزكاة والحج وغيرها، فسنذكر التفاصيل في ذلك بإذن الله، وسنذكر حكم تارك الصلاة، وهل يعد كافراً كفراً أكبر مخرجاً من الملة أم لا؟ كذلك نناقش القواعد، إذ لابد من الإحاطة بها حتى نحكم على الفعل أنه كفر -إذا كان وصف في الأحاديث بأنه كفر- وهل هو كفر أكبر أم أصغر؟ كذلك نثبت انقسام النفاق إلى أكبر وأصغر، والشرك إلى أكبر وأصغر وانقسام شعب الإيمان، وشعب الكفر، وما هو الميزان الذي به نحكم على الفعل إن كان مخرجاً من الملة أم لا؟ وسنعقد باباً واسعاً في معنى لا إله إلا الله، وأنواع التوحيد، وكيف نوحد الله تبارك وتعالى؟ ثم نعقبه بكلام مفصل في ما يضاد التوحيد وهو الشرك، وأغلب صور الشرك منتشرة بين الناس، والتي منها مثلاً: الحكم بغير ما أنزل الله.
كذلك أيضاً نتعرض لظاهرة المجازفة في إطلاق الحكم بالتكفير أو الكفر، وخطأ الاندفاع أو التهور في إطلاق الكفر بدافع الحماس، أو النظرة الجزئية لبعض النصوص مع إهمال الأخرى.
ثم نناقش ما يخرج من الملة، ونواقض التوحيد؛ لأنها أمور محصورة منذ زمن بعيد، والعلماء حصروا تماماً ما هي الأشياء التي يخرج بها فاعلها من الملة، ويصير كافراً، وما يترتب على الحكم بالكفر من الأحكام الدنيوية والأخروية.
كذلك إن شاء الله نناقش قضية أهل الفترة ومن في حكمهم، وماذا عن مسئولياتهم تجاه الدعوة إلى التوحيد في الدنيا والآخرة.
ثم القضية التي ابتلينا بها والتي تتفجر من آن لآخر، ويكثر الإخوة السؤال والكلام حولها، وهي: قضية العذر بالجهل، وقضية حد الإسلام.
ثم بعض المسائل المتعلقة بالإيمان كمعنى الإيمان والإسلام، ومسألة أن الإيمان يزيد وينقص، وأنه قول وعمل واعتقاد، وأن أهل الإيمان يتفاضلون فيه، وهذه القضايا بالذات من القضايا التي تفترق فيها الفرق؛ فلذلك نفردها بالذكر، فتجد أهل السنة في قضايا القدر وسط بين الفرق، كما أن أهل القبلة وأهل الإسلام وسط بين أهل الديانات الأخرى، كذلك نجد على طرفي نقيض المعتزلة الوعيدية من جانب، والمرجئة المتساهلين من جانب آخر، فهذه المسائل التي يخالفون أهل السنة فيها، أن الإيمان يزيد وينقص، وأنه قول وعمل واعتقاد بالقلب، وأن أهل الإيمان يتفاضلون فيه، ثم الكلام على فاسق أهل القبلة، ونثبت أنه مؤمن ناقص الإيمان، وأنه لا يكفر بالمعصية.
أيضاً نناقش قضية أن العاصي الموُحد لا يخلد في النار، وأمره إلى الله، وأن المؤمن لا يكفر بالمعاصي إلا إذا استحلها، والتوبة إذا استكملت شروطها فهي مقبولة من كل ذنب حتى الكفر.
ثم نذكر بعض الفرق الأساسية في قضية الكفر والإيمان التي حادت عن منهج أهل السنة والجماعة، ونظرت إلى جانب من النصوص وأهملت النصوص الأخرى مثل الخوارج والمعتزلة والمرجئة، وغيرهم.
ثم نناقش ظاهرة التكفير التي ظهرت في السنوات الأخيرة، وبدأت تظهر من جديد نفس هذه الفرق، ولكن في ثوب جديد، وتحت أسماء جديدة، كما هو معروف سواء جماعة التوقف والتبيّن، أو ما سمي بالتكفير والهجرة أو غير ذلك من الاتجاهات، فنناقش الدوافع التي دفعت إلى ذلك، ونناقش أيضاً تفاصيل هذه الحقائق، فهذا مجمل مختصر لعامة القضايا التي سنمر عليها بإذن الله، وفي أثناء ذلك أيضاً هناك قضايا أخرى نتعرض لها بإذن الله في حينها.
وأوصي الإخوة لو استطاعوا أن يدرسوا كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية، فإنه من أعظم الكتب في هذا الباب.