إن القوانين الوضعية إنما اتخذت وسيلة لتمكين أعداء الله تبارك وتعالى في ديار المسلمين، فأتي بهذه القوانين حتى تحطم عناصر القوة في هذه الأمة، ولا يغيب عنا ما وقع من اإانجليز من إفساد في المجتمع المصري؛ من أجل التمكين لمصالح أعداء الله الإنجليز، فقد بين ذلك الشيخ عبد القادر عودة في كتابه:(الإسلام وأوضاعنا الكونية)، وأطال في الكلام، وذكر أمثلة كثيرة جداً من الاستغلال الذي كانت إنجلترا تستغل فيه مصر، وتخرب مصر باسم القوانين الوضعية، وأيضاً يذكر شيئاً منها عبد القادر عودة رحمه الله فيقول: إن القوانين المصرية قامت على أساس خدمة الاستعمار، ومحاباة الأجانب، وتمكين الجميع من امتصاص دماء الشعب المصري، وصرف المصريين عن طريق الخير، وإبقائهم إلى أطول وقت ممكن فريسة الجهل والضعف، فالقوانين الجمركية والمالية التي تحمل اسم مصر تؤخذ من جيوب المصريين الفقراء لتضخيم جيوب الإنجليز الأثرياء، ولا يخطئ الإنسان كثيراً إذا قال: إن الهدف الأول من هذه القوانين: هو حماية التجارة الإنجليزية، وقد أتى علينا زمن كانت السلع الرخيصة تمنع فيه من دخول البلاد المصرية إذا كانت تزاحم برخصها سلعة إنجليزية.
أيضاً القوانين الوضعية تلزمنا أن ننشئ طرقاً ونعدها للإنجليز، وأن ننشئ السكك الحديدية وننفق عليها لصالح الإنجليز، وننشئ الموانئ ونوسعها لتأوي إليها مراكب الإنجليز، وأن نمد خطوطاً تلفونية وتلغرافية لخدمة الإنجليز، وبالرغم من ذلك تدخل إلى مصر حاجات الجيوش الإنجليزية، إلى آخره.
القوانين المصرية تسمح للأجانب المثقفين الأغنياء أن يعاملوا بالربا المصريين الجهلاء الفقراء، وغير ذلك أمثلة كثيرة، إباحة الزنا، إباحة بيع الخمر، إلى غير ذلك من الأشياء.
أيضاً من النماذج التي وقع فيها الضرر الكبير على يد هؤلاء محكمة (دنشواي) وما وقع فيها من الظلم الفاحش، والظلم البين الذي وقع بالمسلمين في هذه البلدة، ولعلكم إذا رجعتم أيضاً إلى الوراء، وتذكرتم قصة سليمان الحلبي الذي قتل كليبر الفرنسي، وما فرنسا؟ حاملة لواء الحرية، وصاحبة قانون نابليون الذي يفتخرون به، ماذا حصل مع سليمان الحلبي؟ قالوا: حاول الفرنسيون معه بالطريقة الأوروبية الراقية في التحقيق، فلم يفد معه ذلك شيئاً، يقول: فسلكنا معه سلوك أبناء البلد، يعنون بذلك التعذيب، فعذبوه عذاباً شديداً، وانتزعت منه الاعترافات، وحصل أن قطعوا يديه وشووهما أمامه، ثم بعد ذلك قتلوه أشنع قتلة، هذا من النماذج، والنماذج يطول الكلام فيها.