الإنسان يعرض عن الحق، لا يصدقه ولا يكذبه، ولا يواليه ولا يعاديه، بل لا يلتفت إليه ألبتة، وذلك كما قال أحد بني عبد ياليل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت صادقاً فأنت أجل في عيني من أن أرد عليك، وإن كنت كاذباً فأنت أحقر من أن أكلمك.
يعني: كأن القضية لا تهمه، وهذا حال أغلب الكفار الآن في العالم الغربي، فهم في الحقيقة لم يعودوا نصارى ولا يهوداً، وربما اليهود ما زالوا متمسكين في عامتهم، لكن النصارى هم الآن شر من اليهود، هم يصفون العصور الوسطى بأنها عصور الظلام.
وهم يعيشون الآن في ظلم أشد من ظلمة العصور الوسطى في الحقيقة، وهم الآن في عامتهم لا دين لهم، وأقرب ما يكونوا للوثنيين، وهذا يعلم من حال القوم، يقول الله عز وجل:{وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[النمل:٨٣ - ٨٤]، ويقول الله عز وجل:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ}[الأحقاف:٣]، قضية الدين هذه مثل الأكل والشرب والألوان والروائح والمذاق والطعم، كل إنسان بالنسبة له هي قضية شخصية بينك وبين ربك، إن شئت أن تؤمن تؤمن، وإن شئت أن تكفر تكفر، تعتقد ما تشاء، وتفعل ما تشاء، قضية الدين ليست على بالهم أصلاً.
فهذا كفر الإعراض صاحبه لا يبالي ولا يبحث عن الحق، ولا يكلف نفسه حتى اتخاذ موقف الموالاة أو المعاداة، القضية لا تهمه في قليل ولا كثير.