سيد قطب رحمه الله لم يكن نكرة في المجتمع المصري، ولم يكن شاباً مغموراً، لكنه كان علماً بارزاً من أعلام الأدب والفكر، وإذا تلونا أسماء الناس الذين كان يعرفهم ويعرفونه لزاد وضوح هذه الفكرة عندنا، وبالتالي وجدنا كيف أن الله تبارك وتعالى أبدله خيراً بهؤلاء الذين هجرهم وهجروه بعدما اتجه إلى الاتجاه الإسلامي، وبالأخص بعدما قدم حياته ثمناً لدعوته.
حقاً تنكر له كل هؤلاء، تنكروا جميعاً وسكتوا ولم ينبس أحدهم ببنت شفة إلى سنوات طويلة، ربما يكون هذا عن قصد لإخماد ذكره، ولكن أبدله الله تبارك وتعالى بأن صدح بذكره كل لسان مؤمن في آفاق الأرض في جيله بل في أجيال -إن شاء الله- من بعده، فهو لم يكن شخصاً مغموراً في المجتمع المصري، لكنه كان علماً بارزاً من أعلام الأدب والفكر، كان نجماً ساطعاً من نجوم الصحافة، مشهوراً في أوساط الأدباء الذين عرفهم وعرفوه، وعلى رأسهم شخص يعد أستاذه، وهو عباس محمود العقاد، فإن سيد قطب ربما عد من أخص تلامذته، فقد كان قريباً جداً إلى العقاد، ونافح عنه في معاركه الأدبية، سواء ضد الرافعي أو ضد طه حسين، وكان خليلاً حميماً له لمدة تصل إلى ربع قرن كاملاً، ثم انفصلا واختلفا.
أيضاً ممن عرفهم وعرفوه، المدعو طه حسين، وأحمد حسن الزيات، ومحمد منظور، وتوفيق الحكيم، وعزيز أباظة، وأحمد شوقي الشاعر، والرافعي، ويحيى حقي، وعباس خضر، ونجيب محفوظ -لا حفظه الله- وحسين فوزي، وإحسان عبد القدوس، ومصطفى أمين؛ هؤلاء كانوا أصدقاءه ومعارفه وقريبين جداً منه، بل حتى الضباط الأحرار وعلى رأسهم جمال عبد الناصر كانوا من أخص أصدقائه، وربما جلسوا معه الليالي الطوال في بيته الذي اشتراه في حلوان لما تحول إلى القاهرة.
كل هؤلاء آثروا الصمت، ولم يكتبوا عنه ولم يتحدثوا، حتى كأنهم لا يعرفونه ولم يسمعوا عنه.
فالمقصود أن تحول مثل هذا العلم البارز من أعلام المجتمع إلى الاتجاه الإسلامي، كان ينبغي أن يكون له رد فعل قوي عند هؤلاء، لكن كأنهم تواطأوا أو جبنوا عن أن يشيدوا بهذا التحول العظيم، وأبدله الله عز وجل كما ذكرنا هذه المكانة في قلوب المسلمين في كل زمان.