نحتاج ونحن ندرس هذه القضية إلى أن نذكر بما سبق أن أسلفنا القول فيه، وهو التفريق بين كفر الفعل وكفر العين، فالفعل قد يكون كفراً لكن فاعله لا يسمى كافراً إلا بحصول شروط وانتفاء موانع، فلذلك قد يتكلم الإنسان في الكلام العام المجرد عن أحوال معينة فيقول: من فعل كذا فهو كافر.
لكن لا يعني شخصاً؛ لأنه لا يستلزم الحكم على الفعل بأنه كفر أن يكون صاحبه كافراً، فكفر الفعل غير كفر العين، وهو هذا الشخص، وإن كان تكفير المعين ضرورة من ضرورات الدين، وهذا -أيضاً- مما ينبغي أن نتفطن له، فليس معنى ذلك أن باب التكفير مسدود حتى في حق من أتى بالكفر الأكبر والشرك الأكبر وأقيمت عليه الحجة، لكن هذا الأمر يوكل إلى أهله، ولا تترك المسألة مفتوحة يطرقها كل من شاء، وكل شخص يحسن الظن بنفسه ويرى أنه أصبح الحجة ليستقل بمقاضاة الناس وإصدار الأحكام عليهم، فإن باب التكفير ليس مغلقاً، وتكفير شخص بعينه واسمه ليس مغلقاً، لكنه مفتوح لأهله من أهل العلم والقضاة الشرعيين حتى لا يصير الناس في فوضى ويستحل بعضهم أموال بعض، ويقتل بعضهم بعضا ويسفكون دماء بعضهم بمجرد الدعوى ويصير الأمر فيه كثير من الخلط.
فتكفير المعين باسمه ضرورة من ضرورات الدين، وإلا لزم إلغاء باب الردة ونصوص الردة، لكن السؤال هو عمن يملك سلطة تكفير المعين، وتطبيق حدود الله تبارك وتعالى عليه.
وخلاصة الكلام أن تكفير المعين لابد منه، ولكن هذه مهمة القاضي الشرعي والحاكم.