يأتي بعد تعريف الفترة معرفة أهل الفترة ومعرفة أحكامهم، وهل أهل الفترة يكلفون أم لا؟ إن المكلف في الاصطلاح هو الشخص الذي تعلق حكم الشارع بفعله، وشرط هذا المكلف أن يكون قادراً على فهم الدليل؛ لأن التكليف خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين، وخطاب من لا عقل ولا فهم له محال، والقدرة على الفهم إنما تكون بالعقل؛ لأن العقل هو أداة الفهم والإدراك، وبه يمكن الامتثال، ولما كان العقل من الأمور الخفية، وليس شيئاً محسوساً نراه، فربط الشرع التكاليف بأمر ظاهر منضبط يدرك بالحس، وهو البلوغ، بأن يكون المرء عاقلاً، ويعرف ذلك بما يصدر عنه من الأقوال والأفعال بحسب المألوف من الناس، فمن بلغ الحلم ولم يظهر خلل في قواه العقلية والفعلية والقولية صار مكلفاً.
ويشترط في المكلف أن يكون أهلاً للتكليف، والأهلية هي الصلاحية لوجوب الحقوق المشروعة له أو عليه، قال الله تعالى:((وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا))، والأهلية تتحقق بالعقل والفهم، فمن هذه الشروط: أن يكون المكلف عالماً بما كلف به، أو متمكناً من العلم ليستطيع الفعل والترك؛ لأن التكليف بالمستحيل وبما لا يقدر عليه المكلف محال.