قامت بينه وبين الضباط الأحرار كما ذكرنا علاقات، وتم اختياره بعد نجاح الانقلاب مستشاراً لمجلس قيادة الثورة، ثم أميناً عاماً مساعداً لهيئة التحرير، وكان مرشحاً ليكون وزيراً للمعارف أو للإعلام، لكنه رفض الوزارة عندما لمس سوء نوايا قادة الانقلاب، وأدرك بأنهم ليسوا جادين في تحكيم شرع الله، وارتاب في اتصالاتهم المشبوهة، ولم يجلس في منزله عندما رفض الوزارة والمغريات، وما كان لداعية مجاهد أن يفعل ذلك، وإنما انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين في أحلك ظروفها وأشدها قساوة؛ انضم إليها وهو يعلم بأنهم على أبواب محنة، وقال وقتها في سنة واحد وخمسين: لقد ولدت من جديد عام ألف وتسعمائة وواحد وخمسين! فاعتبر هذه فترة ميلاد جديدة له، ومن ثم نستطيع أن نجد في هذا التصريح الواضح رداً قوياً على ما ذكره الصحفي عادل حمودة من أنه بين وقت وآخر يحاول أن يقول: لماذا يحاول الإسلاميون دائماً أن يفصلوا ماضي سيد قطب في نشاطاته الفكرية، وتقلباته الفكرية في المراحل الأولى عما بعد ذلك؟ قال: لئن كان يحاول أن يشير إلى أنها مجرد انعطاف حاد كسائر الانعطافات الأخرى ربما لو طال به العمر لتحول أيضاً عن هذا المنعطف.
وكون صاحب الفكرة يقول: لقد ولدت من جديد، وهو يضع قدمه على أعتاب الدعوة الإسلامية يدل على أنه منقطع تماماً عن كل ما مضى، وبالتالي لا يصح مثل هذا التعليل الذي يريد أن يضعف تأثير دعوته بأن يقول: إن هذا كان مجرد تغير من التغيرات التي حصلت في حياته، ولو طال به العمر لتحول أيضاً عن الاتجاه الإسلامي، فهذا من سوء الظن الذي يدفعه أول من يدفعه الأستاذ سيد قطب رحمه الله في هذا التصريح.