سجن الأستاذ سيد رحمه الله سنة أربع وخمسين مع عدد من قادة الإخوان المسلمين، ثم أفرج عنه وعنهم بعد قليل، ثم عاد إلى السجن في العام نفسه سنة أربعة وخمسين بعد حادث المنشية، حيث كان نصيبه مما سمي بمحكمة الشعب آنذاك خمسة عشر عاماً من الأشغال الشاقة، ثم أفرج عنه في مايو سنة ألف وتسعمائة وأربعة وستين، بعدما توسط الرئيس العراقي عبد السلام عارف، ثم أعيد اعتقاله في أغسطس سنة خمس وستين، وقدم لما أسموه محاكمة، وتم إعدامه في السادس والعشرين من أغسطس من سنة ألف وتسعمائة وستة وستين.
سمعت أنه حينما أشرف على إلقاء الإعدام رحمه الله أنه دعا فقال: اللهم اجعل دمي وبالاً على مصر، أو على من قتلوني.
عاصر سيد قطب مجموعة من الدعاة الذين كانوا يدافعون عن الإسلام على طريقتهم الخاصة، من الأمثلة على ذلك: أن معظم كبار الدعاة والكتاب كانوا يدافعون عن الإسلام بأسلوب فيه كثير من الضعف، فإذا راجت بضاعة الديمقراطية بين الناس راحوا يتحدثون عن ديمقراطية الإسلام، وإذا فتنت شعوبنا بالاشتراكية صنعوا للإسلام اشتراكية، وإذا أطنب المفكرون في الحديث عن الحضارة، كتبوا المقالات بل المؤلفات في التعريف بحضارة الإسلام، لقد كان الإسلام عند هؤلاء الكتاب اشتراكياً قومياً ديمقراطياً تقدمياً، أما الأستاذ سيد رحمه الله فقد رفض هذه الأساليب وحذر منها، انظر إلى قوله: وحين ندرك حقيقة الإسلام على هذا النحو، فإن هذا الإدراك بطبيعته سيجعلنا نخاطب الناس ونحن نقدم لهم الإسلام في ثقة وقوة، في عطف كذلك ورحمة، ثقة الذي يستيقن أن ما معه هو الحق، وأن ما عليه الناس هو الباطل، وعطف الذي يرى شقوة البشر وهو يعرف كيف يسعدهم، ورحمة الذي يرى ضلال الناس وهو يعرف أين الهدى الذي ليس بعده هدى.