[جواز اتخاذ القوانين الإدارية التنظيمية التي لا تخالف الشريعة]
ينبغي أن نعلم أن النظام والتشريع قسمان: قسم إداري، وآخر شرعي، أما النظام الإداري فهو الذي يراد به ضبط الأمور وإتقانها على وجه غير مخالف للشرع.
أولاً: نظم العمل ونظم المرور والقوانين التي لا تصطدم مع الشرع في شيء.
ثانياً: أن تحقق مناط الشريعة الإسلامية، وتتلائم مع المصالح التي شرعتها.
وثالثاً: أن تعين على ضبط الأمور وإتقانها، فهذا لا يعد من التشريع أو الحكم بغير ما أنزل الله، كما فعل أمير المؤمنين عمر رضي الله تبارك وتعالى عنه فقد استحدث نظماً إدارية كثيرة في خلافته لم تكن موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا تأملنا ما حصل في غزوة تبوك لما تخلف كعب بن مالك وصاحبيه، فلم يكن عندهم قوائم تضبط أسماء الجنود حتى يعلم من حضر ومن غاب، فما علم بتخلف كعب بن مالك إلا بعد أن وصل تبوك، لكن في عهد عمر وجد ديوان الجند، وفيه ضبط وإثبات للجنود إلى آخره.
أيضاً اشترى عمر رضي الله عنه دار صفوان بن أمية وجعلها سجناً في مكة المكرمة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخذ سجناً ولا أبو بكر رضي الله عنه.
أي: أن الأمور الإدارية التي تفعل من أجل أن تتقن الأمور ولا تخالف الشريعة جائزة، فلا بأس بتنظيم شئون الموظفين، وإدارة الأعمال على وجوه لا تخالف الشريعة، وتقع تحت قواعد الشريعة التي تراعي المصالح العامة للمسلمين، أما النظام الشرعي الذي يقتضي تحكيمه الكفر بالله عز وجل فهو النظام المخالف لتشريع خالق السماوات والأرض، فهذا تحكيمه كفر بخالق السماوات والأرض؛ كدعوى أن تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ليس بإنصاف، هذا كفر بواح يخرج من الملة تماماً، فمن يصف حكم الله:{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}[النساء:١١] بأنه غير عدل وأنه لا يناسب العصر، أو أن هذا فيه هضم لحقوق المرأة، أو إلى آخر هذه الدعاوى الشيطانية، فهذا لا شك في كفر القائل به.
أيضاً دعوى أن تعدد الزوجات ظلم، فهذا أيضاً كفر بالله العظيم، أو دعوى أن الطلاق ظلم للمرأة، أو أن الرجم للزاني المحصن وقطع يد السارق، هذه أعمال وحشية لا يسوغ فعلها بالإنسان، فمن هذه هي نظرته إلى شريعة الله في نفوس الناس وأموالهم وأعراضهم وأنسابهم وعصورهم وأديانهم، فقد كفر بخالق السماوات والأرض، وتمرد على نظام السماء الذي وضعه من خلق الخلائق كلها، وهو أعلم بما يصلحها سبحانه وتعالى.
فهذه بعض المقدمات فيما يتعلق بقضية الحكم بما أنزل الله تبارك وتعالى.