والفترة: فعلة من: فتر الأمر يفتر أو يفتر فتوراً، وذلك إذا هدأ أو سكن، وفي الحديث:(ثم فتر الوحي)، أي: انقطع وسكن.
أما اصطلاحاً فهي: ما كان بين كل نبيين، كانقطاع الرسالة بين عيسى عليه السلام ومحمد عليه الصلاة والسلام، وكالفترة بين نوح وإدريس عليهما السلام، وقيل: هي ما كانت بين رسولين، فلم يرسل فيها إلى الناس الرسول الأول، ثم لم يدركوا الرسول الثاني، فهذه فترة.
وقال الألوسي رحمه الله: أجمع المفسرون على أن الفترة هي الانقطاع ما بين رسولين، قال الله تعالى:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ}[المائدة:١٩]، وفي الصحيح:(أن الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ستمائة سنة)، وهذا في البخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا أولى الناس بابن مريم -والأنبياء أولاد علات-؛ ليس بيني وبينه نبي)، رواه البخاري، والعلات: الضرائر، كما جاء في الحديث الآخر:(نحن -معشر الأنبياء- إخوة لعلات، ديننا واحد، وأمهاتنا شتى)، فقوله:(ديننا واحد) يعني العقيدة، لكن الشرائع تختلف، فالحلال والحرام، ونظم الطلاق، والزواج، والبيوع، والأمور العامة تتفاوت، والشرائع تتغير وتنسخ، لكن العقيدة واحدة من لدن آدم عليه السلام إلى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، والأنبياء كلهم جاءوا ليدعوا إلى الإسلام، فقوله:(وأمهاتنا شتى) هي الشرائع والأحكام في الحلال والحرام، والأمور العملية.
وقوله عليه الصلاة والسلام:(ليس بيني وبينه نبي) لفظ واضح وصريح في أنه لم يكن هناك نبي بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، خلافاً لبعض الأحاديث الضعيفة التي فيها إثبات نبي من الأنبياء ضيعه قومه، فهذا الحديث صريح في ذلك، حيث قال:(ليس بيني وبينه نبي) وهو أصح.