إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
تقدم الكلام في مسمى الإسلام والإيمان، وقلنا: إن الإسلام له تعريف لغوي وآخر اصطلاحي أو شرعي، وأن الإسلام لغة: الانقياد والإذعان.
أما الإسلام في الشرع فحسبما ورد اللفظ بالإسلام، فإذا ذكر بالإفراد غير مقترن بذكر الإيمان، ففي هذه الحالة يراد به كل الدين أصوله وفروعه، اعتقاداته وأقواله وأفعاله، أما إذا أطلق مقترناً بالإيمان أو بالاعتقاد، فإنما تطلق كلمة الإسلام على الأعمال والأقوال الظاهرة، ويدل على ذلك حديث جبريل:(قال: ما الإسلام؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة)، إلى آخر الحديث.
ذكر الأعمال الظاهرة، ثم لما سأله عن الإيمان في نفس الحديث فسره بالأعمال الباطنة.
إذاً: إذا اقترن الإسلام بالإيمان ينصرف معنى الإسلام إلى الأعمال الظاهرة، والإيمان إلى الأعمال الباطنة؛ لأنهما اجتمعا في النص، وافترقا في المعنى، أما إذا افترقا في النص وأتى كلاً منهما مفرداً، فإنهما يجتمعان في المعنى في هذه الحالة.
أما الإيمان فهو في اللغة: التصديق، كما قال الله:{وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}[يوسف:١٧]، أي: ما أنت بمصدق لنا، فهذا معنى الإيمان لغة: التصديق.
أما معنى الإيمان شرعاً: فيأتي على الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام، وفي هذه الحالة يراد به الدين كله تماماً، مثل لفظ الإسلام إذا أطلق فيشمل أصول الدين، وفروعه، اعتقاداته وأقواله وأفعاله، أما إذا أطلق مقروناً بالإسلام، فيفسر الإسلام بأنه إظهار أعمال مخصوصة، ويفسر الإيمان بأنه تصديق بأمور مخصوصة، وكما أن العامل الذي يعمل الأعمال الصالحة لا يكون مسلماً كاملاً إلا إذا اعتقد وآمن، كذلك المؤمن المعتقد لا يصير مؤمناً كاملاً إلا إذا عمل.