[سجود معاذ للنبي صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الشام]
وفي حديث عبد الله بن أبي أوفى قال:(لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: ما هذا يا معاذ؟! قال: أتيت الشام فوافيتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن أفعل ذلك لك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه)، وقوله:(وهي على قتب) يعني: على ظهر الجمل.
فبعض العلماء قالوا: إنه كان يفهم هذا الحديث على ظاهره، أي أن معناه أنه لو كانت المرأة على قتب لا تمتنع من زوجها، لكن جاء التفسير بما هو أشد من ذلك، وهو أن العرب إذا كانت المرأة فيهم على وشك الوضع وتعسرت ولادتها كانوا يرون أن جلوسها على الجمل يسهل الولادة، فجاء التفسير بما هو أشد، فيا ويل النساء النواشز اللائي يستهن بطاعة الزوج وأداء حقه، فقوله:(لو سألها نفسها وهي على قتب) معناه: وهي في حالة الوضع.
يقول الشوكاني رحمه الله تعالى في فوائد هذا الحديث: وفيه أن من سجد جاهلاً لغير الله لا يكفر.
وقد يورد على هذا الاستدلال أن السجود على أنواع، وربما وجدت أدلة في القرآن تبين ذلك، كما أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم عليه السلام، وهناك سجود التحية والإكرام، وربما استدل لذلك بقوله تعالى في سورة يوسف عليه السلام:{وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا}[يوسف:١٠٠] فهو سجود الانحناء أو التحية، وليس سجود العبادة.