للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَيض من العقل الفعَّال عند استعداد النفس لقبول الفَيض, وقد يزعمون أن العقل الفعَّال هو جبريل.

فأما قول القائلين: «إن ذلك بفعل الله» فهو صحيحٌ بناءً على أن الله هو مُعَلِّمُ كلِّ علمٍ وخالقُ كلِّ شيء، لكن هذا كلامٌ مجملٌ ليس فيه بيانٌ لنفس السبب الخاص.

وأما قول القائلين بالتولُّد فبعضه حقٌّ وبعضه باطل, فإن (١) دعواهم أن الفعل (٢) المتولِّد هو حاصلٌ بمجرَّد قدرة العبد باطلٌ قطعًا، ولكن هو حاصلٌ بأمرين: قدرة العبد والسبب الآخر، كالقوَّة التي في السَّهم والقبول الذي في المحلِّ, ولا ريب أن النظر هو سببٌ ولكن الشأن فيما به يتمُّ حصول العلم.

وأما زعمُ أولئك أنه بالعقل الفعَّال فمن الخرافات التي لا دليل عليها. وأبطلُ من ذلك زعمُهم أن ذلك هو جبريل، وزعمُهم أن كلَّ ما يحصُل في عالم العناصر من الصُّور الجِسمانية وكمالاتها فهو من فَيْضِه وسببه مِن أبطل الباطل، ولكن إضافتهم ذلك إلى أمورٍ رُوحانيَّةٍ صحيحٌ في الجملة؛ فإن الله سبحانه وتعالى يدبِّر أمرَ السموات والأرض بملائكته التي هي السُّفراء في أمره، ولفظ «المَلَك» يدلُّ على ذلك, وبذلك أخبرت الأنبياء, وقد شهد الكتابُ والسُّنة من ذلك بما لا يتسعُ هذا الموضعُ لذكره، كما ذكره


(١) الأصل: «كان». تحريف.
(٢) (ط): «العلم». والمثبت من الأصل وهو الصواب. انظر: «مقالات الإسلاميين» (١/ ٤١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>