وكذلك ابنُ سينا وغيرُه يذكرون من التنقُّص بالصحابة ما وَرِثه عن أبيه وشيعته القرامطة (١)، حتى تجدهم إذا ذكروا في آخر الفلسفة حاجةَ النوع [البشريِّ] إلى الإمامة عرَّضوا بقول الرافضة الضُّلَّال, لكن أولئك يصرِّحون من السَّبِّ بأكثر مما يصرِّحُ به هؤلاء.
ولهذا تجدُ بين الرافضة والقرامطة والاتحادية اقترانًا واشتباهًا, تجمعهم أمور, منها:
* الطعنُ في خِيار هذه الأمة، وفيما عليه أهل السُّنة والجماعة، وفيما استقرَّ من أصول المِلَّة وقواعد الدين.
* ويدَّعون باطنًا امتازوا به واختصُّوا به عمَّن سواهم.
ثم هم مع ذلك متلاعِنون متباغِضون مختلفون، كما رأيتُ وسمعتُ من ذلك ما لا يحصى، كما قال الله عن النصارى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: ١٤]، وقال عن اليهود: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ
(١). أخبر ابنُ سينا أن أباه كان ممن أجاب الحاكم داعي الإسماعيلية بمصر. انظر: «نكت في أحوال الشيخ الرئيس ابن سينا» للكاشي (١٠) , و «إخبار العلماء بأخبار الحكماء» للقفطي (٥٤٧). وقال المصنف: «أهل بيت ابن سينا كانوا من أتباع هؤلاء وأبوه وجدُّه (كذا, ولعلها: وأخوه) من أهل دعوتهم, وبسبب ذلك دخل في مذاهب الفلاسفة». انظر: «الصفدية» (١/ ٣, ٢/ ١٨) , و «بغية المرتاد» (١٨٣) , و «بيان تلبيس الجهمية» (٢/ ١٠١, ٥/ ٤٠٦) , و «درء التعارض» (١/ ٢٨٩, ٥/ ١٠) , و «الرد على المنطقيين» (١٤١) , و «شرح الأصبهانية» (٧٢٣) , و «مجموع الفتاوى» (١١/ ٥٧١, ١٣/ ٢٤٩, ٣٥/ ١٨٦).