للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكلُّ من استقرى أحوالَ العالَم وجد المسلمين أحَدَّ وأسَدَّ عقلًا (١)، وأنهم ينالُون في المدَّة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعافَ ما يناله غيرُهم في قرونٍ وأجيال.

وكذلك أهل السُّنة والحديث تجدُهم بذلك متَّصفين (٢)؛ وذلك لأن اعتقاد الحقِّ الثابت يقوِّي الإدراكَ ويصحِّحُه، قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: ١٧]، وقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [النساء: ٦٦].

وهذا يُعْلَمُ تارةً بموارد النزاع بينهم وبين غيرهم، فلا تجدُ مسألةً خُولِفُوا فيها إلا وقد تبيَّن أن الحقَّ معهم، وتارةً بإقرار مخالفيهم ورجوعهم إليهم دون رجوعهم إلى غيرهم، أو بشهادتهم على مخالِفيهم بالضلال والجهل, وتارةً بشهادة المؤمنين الذين هم شهداءُ الله في الأرض (٣) , وتارةً بأن كلَّ طائفةٍ تَعْتَضِدُ (٤) بهم فيما خالفَت فيه الأخرى، وتشهدُ بالضلال على كلِّ من خالفها أعظمَ ممَّا تشهدُ به عليهم.

وأما شهادةُ المؤمنين الذين هم شهداءُ الله في الأرض فهذا أمرٌ ظاهرٌ


(١). انظر: «الجواب الصحيح» (١/ ١٦٥, ٣/ ٧) , و «الفتاوى» (٤/ ٢١٠, ٣٥/ ١٨٧).
(٢). الأصل: «كذلك ممتعين». وفي (ف): «متمتعين». والمثبت أشبه بالصواب.
(٣). كما في حديث أنس في البخاري (١٣٦٧) ومسلم (٩٤٩).
(٤). الأصل: «تعتصم» , والمثبت أصح, ونظيره في «بيان تلبيس الجهمية» (١/ ١٣٨) , و «منهاج السنة» (٢/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>