للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأقوالهم وأفعالهم المتَّبعون لها هم أهلُ السَّعادة في كلِّ زمانٍ ومكان، وهم الطائفةُ الناجيةُ من أهل كلِّ ملَّة، وهم أهلُ السُّنة والحديث من هذه الأمة؛ فإنهم يشاركون سائرَ الأمة فيما عندهم من أمور الرسالة، ويَمْتَازُون عنهم بما اختصُّوا به من العلم الموروث عن الرسول فيما (١) يجهلُه غيرُهم أو يكذِّبُ به.

والرسلُ صلواتُ الله عليهم وسلامُه عليهم البلاغُ المبين، وقد بلَّغوا البلاغَ المبين, وخاتمُ الرسل محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - أنزل الله كتابَه مصدِّقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه، فهو الأمينُ على جميع الكتب، وقد بلَّغ أبينَ البلاغ وأتمَّه وأكملَه، وكان أنصحَ الخلق لعباد الله، وكان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا، بلَّغ الرسالة, وأدَّى الأمانة, وجاهد في الله حقَّ جهاده, وعبد الله حتى أتاه اليقين, فأسعدُ الخلق وأعظمُهم نعيمًا وأعلاهم درجةً أعظمُهم اتباعًا له وموافقةً علمًا وعملًا.

وأما غيرُ أتباعه من أهل الكلام، فالكلامُ في أقيستهم التي هي حججُهم وبراهينهم على معارفهم وعلومهم، وهذا يدخلُ فيه كلُّ من خالف شيئًا من السُّنة والحديث من المتكلِّمين والفلاسفة، فالكلامُ في هذا المقام واسعٌ لا ينضبطُ هنا، لكن المعلوم من حيث الجملة أن الفلاسفة والمتكلِّمين من أعظم بني آدم حَشْوًا وقولًا للباطل وتكذيبًا للحقِّ في مسائلهم ودلائلهم، لا يكادُ ــ والله أعلم ــ تخلو لهم مسألةٌ واحدة عن ذلك.

وأذكر أني قلتُ مرَّةً لبعض من كان ينتصرُ لهم من المشغوفين بهم وأنا


(١) (ط): «مما».

<<  <  ج: ص:  >  >>