للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب معرفة المذاهب الفاسدة التي لا ضابط لها (١)، وأكثرُ ما تجدُ هؤلاء الأجناس يعظِّمونه من معارفهم ويدَّعون اختصاصَ فضلائهم به هو من الباطل الذي لا حقيقةَ له، كما نبَّهنا على هذا فيما تقدَّم.

الوجه الحادي عشر: قولهم: «الحقيقة مركَّبةٌ من الجنس والفصل، والجنسُ هو الجزء المشترك, والفصل هو الجزء المميِّز».

يقال لهم: هذا التركيبُ إما أن يكون في الخارج أو في الذهن. فإن كان في الخارج فليس في الخارج نوعٌ كُلِّيٌّ يكونُ محدودًا بهذا الحدِّ إلا الأعيان المحسوسة، والأعيانُ في كلِّ عينٍ صفةٌ يكونُ نظيرُها لسائر الحيوانات, كالحِسِّ والحركة الإرادية، وصفةٌ ليس مثلُها لسائر الحيوان وهي النطق, وفي كل عينٍ يجتمعُ هذان الوصفان، كما يجتمعُ سائر الصِّفات والجواهر القائمة لأمور مركَّبةٍ من الصِّفات المحمولة فيها.

وإن أردتم بالحيوانية والناطقية جوهرًا فليس في الإنسان جوهران أحدهما حيٌّ والآخر ناطق، بل جوهرٌ واحد له صفتان, فإن كان الجوهرُ مركَّبًا من عَرَضين لم يصحَّ, وإن كان من جوهرٍ عامٍّ وخاصٍّ فليس فيه ذلك، فبطَل كونُ الحقيقة الخارجة مركَّبة.

وإن جعلوها تارةً جوهرًا وتارةً صفة، كان ذلك بمنزلة قول النصارى في الأقانيم، وهو من أعظم الأقوال تناقضًا باتفاق العلماء.

وإن قالوا: المركَّبُ الحقيقةُ الذهنيةُ المعقولة، قيل أولًا: تلك ليست


(١). انظر ما تقدم (ص: ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>